responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 146
الملائكة كَمَا وَعَدَ، قَالَ الْحَسَنُ: وَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ آلَافٍ رِدْءُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: لَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ فِي المعركة إلا يوم بدر فيما سِوَى ذَلِكَ يَشْهَدُونَ الْقِتَالَ وَلَا يقاتلون، وإنما يكونون عددا ومددا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: إِنَّمَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ بَدْرٍ إِنْ صَبَرُوا عَلَى طَاعَتِهِ وَاتَّقَوْا مَحَارِمَهُ أَنْ يَمُدَّهُمْ أَيْضًا فِي حُرُوبِهِمْ كلها، فلم يصبروا إلا يوم الأحزاب، فأمدهم حين حاصروا قريظة والنضير، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَعِكْرِمَةُ: كَانَ هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ وَعَدَهُمُ اللَّهُ الْمَدَدَ إِنْ صَبَرُوا فَلَمْ يَصْبِرُوا فَلَمْ يمدوا. قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ} [آل عمران: 124] الإمداد: إعانة الجيش، وَقِيلَ: مَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الْقُوَّةِ وَالْإِعَانَةِ، يُقَالُ فِيهِ: أُمِدُّهُ إِمْدَادًا، وَمَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الزيادة، ويقال فيه: مده مددا، منه قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} [لُقْمَانَ: 27] وَقِيلَ: الْمَدُّ فِي الشَّرِّ، وَالْإِمْدَادُ فِي الْخَيْرِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ} [البقرة: 15] وقال في الخير {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [الْإِسْرَاءِ: 6] قَوْلُهُ تَعَالَى: {بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ} [آل عمران: 124] قرأ ابن عامر تشديد الزَّايِ عَلَى التَّكْثِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ} [الْأَنْعَامِ: 111] وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} [الْفَرْقَانِ: 21] وَقَوْلُهُ: {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [التَّوْبَةِ: 26] ثُمَّ قَالَ {بَلَى} [آل عمران: 125] نمدكم {إِنْ تَصْبِرُوا} [آل عمران: 125] لعدوكم {وَتَتَّقُوا} [آل عمران: 125] مخالفة نبيكم {وَيَأْتُوكُمْ} [آل عمران: 125] يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ {مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا} [آلِ عِمْرَانَ: 125] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: مِنْ وَجْهِهِمْ هَذَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: مِنْ غَضَبِهِمْ هَذَا لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا رَجَعُوا لِلْحَرْبِ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ غَضَبِهِمْ لِيَوْمِ بَدْرٍ، {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} [آل عمران: 125] لَمْ يُرِدْ خَمْسَةَ آلَافٍ سِوَى مَا ذَكَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافٍ، بَلْ أَرَادَ مَعَهُمْ، وَقَوْلُهُ {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125] أي: معلمين، وَاخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ الْعَلَامَةِ، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ عَلَيْهِمْ عَمَائِمُ صُفْرٌ، وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم: عَمَائِمُ بِيضٌ قَدْ أَرْسَلُوهَا بَيْنَ أَكْتَافِهِمْ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ والكلبي: عليهم عَمَائِمُ صُفْرٌ مُرَخَّاةٌ عَلَى أَكْتَافِهِمْ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ: كَانُوا قَدْ أَعْلَمُوا بِالْعِهْنِ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ وأذنابها.
[126] قَوْلُهُ تَعَالِي: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ} [آل عمران: 126] يَعْنِي هَذَا الْوَعْدَ وَالْمَدَدَ، {إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ} [آل عمران: 126] أَيْ: بِشَارَةً لِتَسْتَبْشِرُوا بِهِ {وَلِتَطْمَئِنَّ} [آل عمران: 126] ولتسكن {قُلُوبُكُمْ بِهِ} [آل عمران: 126] فَلَا تَجْزَعُوا مِنْ كَثْرَةِ عَدُوِّكُمْ وَقِلَّةِ عَدَدِكُمْ، {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 126] يَعْنِي: لَا تُحِيلُوا بِالنَّصْرِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْجُنْدِ، فَإِنَّ النَّصْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْتَعِينُوا بِهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْعِزَّ وَالْحُكْمَ لَهُ.
[127] قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 127] يقول لقد نصركم الله لِيَقْطَعَ طَرَفًا أَيْ: لِكَيْ يُهْلِكَ طَائِفَةً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَقَالَ السُّدِّيُّ: مَعْنَاهُ لِيَهْدِمَ رُكْنًا مِنْ أركان الشرك بالقتل والأسر، {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} [آل عمران: 127] قَالَ الْكَلْبِيُّ: يَهْزِمَهُمْ، وَقَالَ يَمَانٌ: يَصْرَعُهُمْ لِوُجُوهِهِمْ، قَالَ السُّدِّيُّ: يَلْعَنُهُمْ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُهْلِكُهُمْ، وَقِيلَ: يحزنهم، والمكبوت: الحزين، وقيل: يكبدهم أي: يصب الْحُزْنُ وَالْغَيْظُ أَكْبَادَهُمْ، وَالتَّاءُ وَالدَّالُ يَتَعَاقَبَانِ كَمَا يُقَالُ سَبَتَ رَأْسَهُ وَسَبَدَهُ إِذَا حَلَقَهُ، وَقِيلَ: يَكْبِتُهُمْ بالخيبة، {فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} [آل عمران: 127] لم يَنَالُوا شَيْئًا مِمَّا كَانُوا يَرْجُونَ مِنَ الظَّفَرِ بِكُمْ.
[128] قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] أَيْ: لَيْسَ إِلَيْكَ، فَاللَّامُ بِمَعْنَى (إِلَى) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} [آلِ عِمْرَانَ: 193] أَيْ: إِلَى الْإِيمَانِ، وقوله تعالى: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: 128] قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ حَتَّى يَتُوبَ عليهم: أو إلا أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: هُوَ نَسَقٌ عَلَى قَوْلِهِ: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا} [آل عمران: 127] وَقَوْلُهُ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) اعتراض بين

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست