responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 122
أَعْرَضُوا عَنْ طَاعَتِهِمَا، {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى"، قَالُوا: وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمِنْ عصاني فقد أبى» ([1]) ".

[قوله تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ] وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ. . . .
[33] قوله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} [آل عمران: 33] الْآيَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَتِ الْيَهُودُ نَحْنُ مِنْ أَبْنَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَنَحْنُ عَلَى دِينِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، يَعْنِي: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى هَؤُلَاءِ بِالْإِسْلَامِ، وَأَنْتُمْ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ. اصْطَفَى: اخْتَارَ، افْتَعَلَ مِنَ الصَّفْوَةِ، وَهِيَ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، آدَمَ أبا الْبَشَرِ وَنُوحًا، {وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ} [آل عِمْرَانَ: 33] قِيلَ: أَرَادَ بِآلِ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ عِمْرَانَ، إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعِمْرَانَ أَنْفُسَهُمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} [الْبَقَرَةِ: 248] يَعْنِي: مُوسَى وَهَارُونَ، وَقَالَ آخَرُونَ: آلَ إِبْرَاهِيمَ: إِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَالْأَسْبَاطُ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَمَّا آلَ عمران فقد قال مُقَاتِلٌ: هُوَ عِمْرَانُ بْنُ يَصْهُرَ بْنِ فَاهَتْ بْنِ لَاوِي بْنِ يعقوب عليه السلام، وآله: مُوسَى وَهَارُونَ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَوَهْبٌ: هُوَ عِمْرَانُ بْنُ أَشْهَمَ بْنِ عمون مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليهما السلام، وآله: مَرْيَمَ وَعِيسَى، وَقِيلَ: عِمْرَانُ بْنُ مَاثَانَ، وَإِنَّمَا خَصَّ هَؤُلَاءِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ كُلَّهُمْ مِنْ نسلهم، {عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33]
[34] {ذُرِّيَّةً} [آل عمران: 34] اشْتِقَاقُهَا مِنْ ذَرَأَ بِمَعْنَى خَلَقَ، وقيل: من الذر لأنه استخرجهم مِنْ صُلْبِ آدَمَ كَالذَّرِّ، وَيُسَمَّى الأولاد والآباء ذرية، فالأولاد ذُرِّيَّةٌ، لِأَنَّهُ ذَرَأَهُمْ، وَالْآبَاءُ ذُرِّيَّةٌ لِأَنَّهُ ذَرَأَ الْأَبْنَاءَ مِنْهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} [يس: 41] أَيْ: آبَاءَهُمْ، {ذُرِّيَّةً} [آل عمران: 34] نُصِبَ عَلَى مَعْنَى: وَاصْطَفَى ذُرِّيَّةً {بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 34] أَيْ: بَعْضُهَا مِنْ وَلَدِ بَعْضٍ، وَقِيلَ: بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فِي التَّنَاصُرِ، وَقِيلَ: بَعْضُهَا عَلَى دِينِ بعض، {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 34]
[35] {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} [آل عمران: 35] وهي حنة بنت فاقوذا أُمُّ مَرْيَمَ، وَعِمْرَانُ: هُوَ عِمْرَانُ بْنُ مَاثَانَ، وَلَيْسَ بِعِمْرَانَ أَبِي موسى عليه السلام، لأن بينهما ألفا وثمانمائة سنة، وقيل كان بين إبراهيم وموسى عليهما السلام أَلْفُ سَنَةٍ، وَبَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى عليهما السلام ألفا سنة، وكان بنو ماثان رؤوس بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَحْبَارَهُمْ وَمُلُوكَهُمْ، وَقِيلَ: عِمْرَانُ بْنُ أَشْهَمَ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] أي: جعلت لك الَّذِي فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا نَذْرًا مِنِّي لَكَ، {فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [آل عمران: 35] وَالنَّذْرُ مَا يُوجِبُهُ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ مُحَرَّرًا، أَيْ: عَتِيقًا خَالِصًا لِلَّهِ مُفْرَغًا لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَلِخِدْمَةِ الْكَنِيسَةِ، لَا أَشْغَلُهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَكُلُّ مَا أُخْلِصَ فَهُوَ مُحَرَّرٌ، يُقَالُ: حَرَّرْتُ الْعَبْدَ إِذَا أعتقته وخلصته من الرق.
[36] {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا} [آل عمران: 36] أَيْ: وَلَدَتْهَا، إِذَا هِيَ جَارِيَةٌ، والهاء في قوله: {وَضَعَتْهَا} [آل عمران: 36] راجعة إلى النذيرة لا إلى (ما) ولذلك أنث، {قَالَتْ} [آل عمران: 36] حَنَّةُ وَكَانَتْ تَرْجُو أَنْ يَكُونَ غُلَامًا، {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36] اعْتِذَارًا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} [آل عمران: 36] بِجَزْمِ التَّاءِ إِخْبَارًا عَنِ اللَّهِ تعالى عز وجل، {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: 36] فِي خِدْمَةِ الْكَنِيسَةِ وَالْعِبَادِ الَّذِينَ فيها للينها وَضَعْفِهَا وَمَا يَعْتَرِيهَا مِنَ الْحَيْضِ والنفاس, {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} [آل عمران: 36] وهي بِلُغَتِهِمُ الْعَابِدَةُ وَالْخَادِمَةُ، وَكَانَتْ مَرْيَمُ من أَجْمَلَ النِّسَاءِ فِي وَقْتِهَا وَأَفْضَلَهُنَّ، {وَإِنِّي أُعِيذُهَا} [آل عمران: 36] أمنعها وأجيرها، {بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا} [آل عمران: 36] أولادها {مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36] والشيطان الطَّرِيدُ اللَّعِينُ وَالرَّجِيمُ الْمَرْمِيُّ بِالشُّهُبِ.
[37] قَوْلُهُ: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} [آل عمران: 37] أي: قبل اللَّهُ مَرْيَمَ مِنْ حَنَّةَ، مَكَانَ الْمُحَرَّرِ، وَتَقَبَّلَ بِمَعْنَى: قَبِلَ وَرَضِيَ، والقبول: مصدر قبل يقبل

[1] أخرجه البخاري في الاعتصام 13 / 249، والمصنف في شرح السنة 1 / 192.
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست