responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 103
أَعْطَيْتُكَ كَذَا، وَيَعُدُّ نِعَمَهُ عَلَيْهِ فيكدرها عليه {وَلَا أَذًى} [البقرة: 262] هو أَنْ يُعَيِّرَهُ فَيَقُولَ: إِلَى كَمْ تَسْأَلُ وَكَمْ تُؤْذِينِي؟ وَقِيلَ: مِنَ الأذى: وهو أَنْ يَذْكُرَ إِنْفَاقَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ لَا يُحِبُّ وُقُوفَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ سُفْيَانُ: {مَنًّا وَلَا أَذًى} [البقرة: 262] هو: أن يقول قد أعطيتك فما شكرت {لَهُمْ أَجْرُهُمْ} [البقرة: 262] أَيْ: ثَوَابُهُمْ، {عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 262]
[263] {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [البقرة: 263] أَيْ: كَلَامٌ حَسَنٌ وَرَدٌّ عَلَى السَّائِلِ جَمِيلٌ، وَقِيلَ، عِدَةٌ حَسَنَةٌ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: دُعَاءٌ صَالِحٌ يَدْعُو لأخيه بظهر الغيب {وَمَغْفِرَةٌ} [البقرة: 263] أَيْ: تَسْتُرُ عَلَيْهِ خَلَّتَهُ وَلَا تَهْتِكُ عَلَيْهِ سِتْرَهُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ والضحاك: يتجاوز عَنْ ظَالِمِهِ، وَقِيلَ: يَتَجَاوَزُ عَنِ الْفَقِيرِ إِذَا اسْتَطَالَ عَلَيْهِ عِنْدَ رده، {خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ} [البقرة: 263] يدفعها إليه، {يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263] أَيْ: مَنٌّ وَتَعْيِيرٌ لِلسَّائِلِ أَوْ قول يؤذيه، {وَاللَّهُ غَنِيٌّ} [البقرة: 263] أَيْ مُسْتَغْنٍ عَنْ صَدَقَةِ الْعِبَادِ {حَلِيمٌ} [البقرة: 263] لَا يُعجّل بِالْعُقُوبَةِ عَلَى مَنْ يَمُنُّ وَيُؤْذِي بِالصَّدَقَةِ.
[264] ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ} [البقرة: 264] أي: أجور صدقاتكم، {بِالْمَنِّ} [البقرة: 264] عَلَى السَّائِلِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بِالْمَنِّ عَلَى الله تعالى، {وَالْأَذَى} [البقرة: 264] لِصَاحِبِهَا ثُمَّ ضَرَبَ لِذَلِكَ مَثَلًا فقال: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ} [البقرة: 264] أَيْ: كَإِبْطَالِ الَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ {رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة: 264] أَيْ: مُرَاءَاةً وَسُمْعَةً لِيَرَوْا نَفَقَتَهُ وَيَقُولُوا: إِنَّهُ كَرِيمٌ سَخِيٌّ، {وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 264] يُرِيدُ أَنَّ الرِّيَاءَ يُبْطِلُ الصَّدَقَةَ، وَلَا تَكُونُ النَّفَقَةُ مَعَ الرِّيَاءِ مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا لِلْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ الْكَافِرَ مُعْلِنٌ بِكُفْرِهِ غَيْرُ مرائي، {فَمَثَلُهُ} [البقرة: 264] أَيْ: مَثَلُ هَذَا الْمُرَائِي، {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} [البقرة: 264] وهو الحجر الأملس {عَلَيْهِ} [البقرة: 264] أَيْ عَلَى الصَّفْوَانِ، {تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} [البقرة: 264] وهو الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الْعَظِيمُ الْقَطْرِ، {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} [البقرة: 264] أَيْ: أَمْلَسَ، وَالصَّلْدُ: الْحَجَرُ الصُّلْبُ الْأَمْلَسُ الَّذِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفَقَةِ الْمُنَافِقِ وَالْمُرَائِي وَالْمُؤْمِنَ الَّذِي يَمُنُّ بِصَدَقَتِهِ وَيُؤْذِي، وَيُرِي النَّاسَ فِي الظَّاهِرِ أَنَّ لِهَؤُلَاءِ أَعْمَالًا كَمَا يُرَى التُّرَابُ عَلَى هَذَا الصَّفْوَانِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَطَلَ كُلُّهُ وَاضْمَحَلَّ لِأَنَّهُ لَمْ يكن لله، كَمَا أَذْهَبَ الْوَابِلُ مَا عَلَى الصَّفْوَانِ مِنَ التُّرَابِ فَتَرَكَهُ صَلْدًا، {لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} [البقرة: 264] أَيْ: عَلَى ثَوَابِ شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَعَمِلُوا فِي الدُّنْيَا {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264]
[265] وقوله تَعَالَى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 265] أَيْ: طَلَبَ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى، {وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 265] قَالَ قَتَادَةُ: احْتِسَابًا، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالْكَلْبِيُّ تَصْدِيقًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، أَيْ يُخْرِجُونَ الزَّكَاةَ طَيِّبَةً بِهَا أَنْفُسُهُمْ عَلَى يَقِينٍ بِالثَّوَابِ، وَتَصْدِيقٍ بِوَعْدِ اللَّهِ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا أَخْرَجُوا خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا تَرَكُوا، وَقِيلَ: عَلَى يَقِينٍ بِإِخْلَافِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ {كَمَثَلِ جَنَّةٍ} [البقرة: 265] أي: بستان، {بِرَبْوَةٍ} [البقرة: 265] هي الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ الْمُسْتَوِي الَّذِي تَجْرِي فِيهِ الْأَنْهَارُ فَلَا يَعْلُوهُ الْمَاءُ وَلَا يَعْلُو عَنِ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهَا بِرَبْوَةٍ لِأَنَّ النَّبَاتَ عَلَيْهَا أحسن وأزكى، {أَصَابَهَا وَابِلٌ} [البقرة: 265] مَطَرٌ شَدِيدٌ كَثِيرٌ، {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة: 265] أَيْ: أَضْعَفَتْ فِي الْحَمْلِ، قَالَ عطاء: حملت في سنة مِنَ الرِّيعِ مَا يَحْمِلُ غَيْرُهَا فِي سَنَتَيْنِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: حَمَلَتْ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة: 265] أَيْ: فَطَشٌّ وَهُوَ الْمَطَرُ الضَّعِيفُ الْخَفِيفُ، وَيَكُونُ دَائِمًا قَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ النَّدَى، وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعَمَلِ الْمُؤْمِنَ الْمُخْلِصِ، فَيَقُولُ: كَمَا أَنَّ هَذِهِ الْجَنَّةَ تربع فِي كُلِّ حَالٍ وَلَا تَخَلَّفُ سَوَاءٌ قَلَّ الْمَطَرُ أَوْ كَثُرَ، كَذَلِكَ يُضْعِفُ اللَّهُ صَدَقَةَ الْمُؤْمِنَ الْمُخْلِصِ الَّذِي لَا يَمُنُّ وَلَا يُؤْذِي سَوَاءٌ قَلَّتْ نَفَقَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ، وَذَلِكَ أَنَّ الطَّلَّ إِذَا كَانَ يَدُومُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْوَابِلِ الشَّدِيدِ، {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 265]

[قوله تعالى أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ] وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ. . . .
[266] {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 266]

اسم الکتاب : مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل المؤلف : عبد الله الزيد    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست