responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 640
لَهُ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أي أخلص له صلاتك وذبحك، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَيَذْبَحُونَ لَهَا، فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمُخَالَفَتِهِمْ وَالِانْحِرَافِ عَمَّا هُمْ فِيهِ، وَالْإِقْبَالِ بِالْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْإِخْلَاصِ لله تعالى، قال مجاهد: النسك: الذبح في الحج والعمرة، وقال سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ {وَنُسُكِي} قَالَ: ذَبْحِي، وَكَذَا قال السدي والضحاك، وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ عيد النحر بِكَبْشَيْنِ، وَقَالَ حِينَ ذَبَحَهُمَا: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فطر السموات وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين» (رواه ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله). وقوله عزَّ وجلَّ: {وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} قَالَ قَتَادَةُ: أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: فَإِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ كُلَّهُمْ كَانَتْ دَعْوَتُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَصْلُهُ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وقد أخبرنا تَعَالَى عَنْ نُوحٍ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين}، وقال تعالى: {يَا بني إن الله اصطفى لكم لدين فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُمْ مسلمون}، وَقَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السموات وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بالصالحين}، وَقَالَ مُوسَى: {يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ توكلوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ}.
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ والأحبار} الآية، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مسلمون}، فأخبر تَعَالَى أَنَّهُ بَعَثَ رُسُلَهُ بِالْإِسْلَامِ وَلَكِنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِيهِ بِحَسَبِ شَرَائِعِهِمِ الْخَاصَّةِ، الَّتِي يَنْسَخُ بَعْضُهَا بَعْضًا إِلَى أَنْ نُسِخَتْ بِشَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي لَا تُنْسَخُ أَبَدَ الآبدين، ولا تزال قائمة منصورة وأعلامها منشورة إلى قيام الساعة، ولهذا قال عليه السلام: «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ دِينُنَا وَاحِدٌ» فَإِنَّ أَوْلَادَ الْعِلَّاتِ هُمُ الْإِخْوَةُ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمَّهَاتٍ شَتَّى، فَالدِّينُ وَاحِدٌ وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِنْ تَنَوَّعَتِ الشرائع التي هي بمنزلة الأمهات وقد قال الإمام أحمد عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا كَبَّرَ اسْتَفْتَحَ ثُمَّ قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فطر السموات وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَّبِّ الْعَالَمِينَ» إلى آخر الآية: «اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»، ثُمَّ ذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ فِيمَا يَقُولُهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالتَّشَهُّدِ (الحديث رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ).

- 164 - قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تختلفون

اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 640
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست