responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 572
كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} أَيْ لَا أَظْلَمُ مِمَّنْ تَقَوَّلَ عَلَى اللَّهِ فَادَّعَى أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ أَرْسَلَهُ، ثُمَّ لَا أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحُجَجِهِ وَبَرَاهِينِهِ وَدَلَالَاتِهِ {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} أَيْ لَا يُفْلِحُ هَذَا وَلَا هَذَا، لَا الْمُفْتَرِي وَلَا الْمُكَذِّبُ.

- 22 - وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
- 23 - ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ
- 24 - انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
- 25 - وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جاؤوك يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
- 26 - وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ

يَقُولُ تعالى مخبراً عن المشركين {يوم نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً} يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَسْأَلُهُمْ عَنِ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِهِ، قَائِلًا لهم: {أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}، كقوله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقَصَصِ: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}، وقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} أي حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، قال ابن عباس: أي حجتهم، وقال عطاء عنه: أي معذرتهم، وكذا قال قتادة، وقال عطاء الخراساني: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ} بَلِيَّتُهُمْ حِينَ ابْتُلُوا {إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: والصواب: ثم لم يكن قيلهم (هذا القول الذي اختاره ابن جرير هو رواية ابن جرير عن ابن عباس) عند فتنتنا إياهم اعتذاراً عما سَلَفَ مِنْهُمْ مِنَ الشِّرْكِ بِاللَّهِ {إِلاَّ أَن قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: أتاه رجل، فقال: يا ابن عَبَّاسٍ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فَإِنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا أَهْلُ الصَّلَاةِ، فَقَالُوا: تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ فَيَجْحَدُونَ، فَيَخْتِمُ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَتَشْهَدُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، فَهَلْ في قلبك الآين شَيْءٌ؟ إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا ونزل فيه شيء، ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ وجهه، ولهذا قَالَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ: {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}، كقوله: {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ الله قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا} الآية، وَقَوْلُهُ: {وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قلورهم أنكنة أين يَفْقَهُوهُ وفي آذَانِهِمْ وقرا وأين يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا}: أَيْ يجيئون ليستمعوا قِرَاءَتَكَ وَلَا تُجْزِي عَنْهُمْ شَيْئًا لِأَنَّ اللَّهَ {جَعَلَ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} أَيْ أَغْطِيَةً لِئَلَّا يَفْقَهُوا الْقُرْآنَ، {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً} أَيْ صَمَمًا عن السماع النافع لهم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً} الآية.
ونقوله تعالى: {وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا} أَيْ مَهْمَا رَأَوْا مِنَ الْآيَاتِ وَالدَّلَالَاتِ وَالْحُجَجِ البينات والبراهين لَا يُؤْمِنُوا بِهَا، فَلَا فَهْمَ عِنْدَهُمْ وَلَا إنصاف، كقوله تَعَالَى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ} الآية، وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَآءُوكَ يُجَادِلُونَكَ} أَيْ يُحَاجُّونَكَ وَيُنَاظِرُونَكَ فِي الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ

اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 572
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست