responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 563
مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا}، قَالَ السُّدِّيُّ: أَيْ نَتَّخِذُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عِيدًا نُعَظِّمُهُ نَحْنُ وَمَنْ بَعْدَنَا، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يَعْنِي يَوْمًا نُصَلِّي فِيهِ وقال قتادة، اراداوا أَنْ يَكُونَ لِعَقِبِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ، وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ: عِظَةً لَنَا وَلِمَنْ بَعْدَنَا، وَقِيلَ: كَافِيَةً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا {وَآيَةً مِنْكَ} أَيْ دَلِيلًا تَنْصِبُهُ على قدرتك على الأشياء وعلى إجابتك تلدعوتي فَيُصَدِّقُونِي فِيمَا أُبَلِّغُهُ عَنْكَ، {وَارْزُقْنَا} أَيْ مِنْ عِنْدِكَ رِزْقًا هَنِيئًا بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا تَعَبٍ، {وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ} أَيْ فَمَنْ كَذَّبَ بِهَا مِنْ أُمَّتِكَ يَا عِيسَى وَعَانَدَهَا {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ العالمين} أي من عالمي زمانكم كقوله تعالى: {وَيَوْمَ القيامة أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أشد العذاب} وكقوله: {إِنَّ المنافقين فِي الدرك الأسفل ممن النار} وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: الْمُنَافِقُونَ، وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ، وَآلُ فِرْعَوْنَ
(ذكر أخبار فِي نُزُولِ الْمَائِدَةِ عَلَى الْحَوَارِيِّينَ)
قَالَ أَبُو جعفر بن جرير عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ عيسى، أَنَّهُ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ تصوموا لله ثلاثنين يَوْمًا ثُمَّ تَسْأَلُوهُ فَيُعْطِيكُمْ مَا سَأَلْتُمْ، فَإِنَّ أَجْرَ الْعَامِلِ عَلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ، فَفَعَلُوا، ثُمَّ قَالُوا: يَا مُعَلِّمَ الْخَيْرِ قُلْتَ لَنَا: إِنَّ أَجْرَ الْعَامِلِ عَلَى مَنْ عَمِلَ لَهُ، وَأَمَرْتَنَا أَنْ نَصُومَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَفَعَلْنَا، وَلَمْ نَكُنْ نَعْمَلُ لِأَحَدٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِلَّا أَطْعَمَنَا حِينَ نَفْرُغُ طَعَامًا، فَهَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ؟ قَالَ عِيسَى: {اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ* قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا تطمئن قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ* قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ* قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عذاباص لا أعذذبه أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}، قَالَ: فَأَقْبَلَتِ الْمَلَائِكَةُ تَطِيرُ بمائدة من السماء، عليها سبعة حيتان وَسَبْعَةُ أَرْغِفَةٍ حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَأَكَلَ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ كَمَا أَكَلَ مِنْهَا أَوَّلُهُمْ. كَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فذكر نحوه. وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس: إن عيسى بن مَرْيَمَ قَالُوا لَهُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ، قَالَ: فَنَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ بالمائدة يحملونها عليها سبعة حيتان وَسَبْعَةُ أَرْغِفَةٍ، حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَأَكَلَ مِنْهَا آخِرُ النَّاسِ، كَمَا أَكَلَ مِنْهَا أَوَّلُهُمْ. وقال ابن أبي حاتم عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَيْهَا خُبْزٌ وَلَحْمٌ، وَأَمَرُوا أَنْ لَا يَخُونُوا، وَلَا يَرْفَعُوا لِغَدٍ، فَخَانُوا وَادَّخَرُوا وَرَفَعُوا فمسخوا قردة وخنازير. وكل الْآثَارِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَائِدَةَ نَزَلَتْ عَلَى بني إسرائيل أيام عيسى بن مريم إجابة من الله لدعوته كما دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} الآية.
وقال قائلون: إنها لم تنزل، روي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: لَمَّا قِيلَ لَهُمْ {فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} قَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا فَلَمْ تَنْزِلْ، وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهَا نَزَلَتْ، وَهُوَ الذي اختاره ابن جرير، لأن الله تعالى أخبر بنزولها في قوله تعالى: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فيمن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لَا أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}، قال: ووعد الله ووعيده حق وصدق، وههذا الْقَوْلُ هُوَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - الصَّوَابُ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ عَنِ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ قال الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ

اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 563
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست