responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 537
{لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَيْ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْأَغْلَالِ وَالنَّكَالِ، ثُمَّ قَالَ: {أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} وَهَذَا مِنْ كَرَمِهِ تَعَالَى وَجُودِهِ وَلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ بِخَلْقِهِ مَعَ هَذَا الذَّنْبِ الْعَظِيمِ، وَهَذَا الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ وَالْإِفْكِ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، فكل من تاب إليه تاب عليه، وقوله تَعَالَى: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} أَيْ لَهُ أسوة أَمْثَالِهِ مِنْ سَائِرِ الْمُرْسَلِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَرَسُولٌ مِنْ رُسُلِهِ الْكِرَامِ، كَمَا قَالَ: {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لبني إسرائيل}، وَقَوْلُهُ: {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} أَيْ مُؤْمِنَةٌ بِهِ مُصَدِّقَةٌ لَهُ، وَهَذَا أَعْلَى مَقَامَاتِهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَبِيَّةٍ كَمَا زَعَمَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى نُبُوَّةِ سَارَّةَ (أُمِّ إِسْحَاقَ) وَنُبُوَّةِ (أُمِّ مُوسَى) وَنُبُوَّةِ (أُمِّ عِيسَى) اسْتِدْلَالًا مِنْهُمْ بِخِطَابِ الْمَلَائِكَةِ لِسَارَّةَ وَمَرْيَمَ، وَبِقَوْلِهِ: {وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ}، وَهَذَا مَعْنَى النُّبُوَّةِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا مِنَ الرِّجَالِ، قال الله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ القرى}، وَقَدْ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ رَحِمَهُ الله الإجماع على ذلك، وقوله تعالى: {كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} أَيْ يَحْتَاجَانِ إِلَى التَّغْذِيَةِ بِهِ وَإِلَى خُرُوجِهِ مِنْهُمَا، فَهُمَا عَبْدَانِ كَسَائِرِ النَّاسِ، وَلَيْسَا بِإِلَهَيْنِ كَمَا زَعَمَتْ فِرَقُ النَّصَارَى الْجَهَلَةِ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ} أَيْ نُوَضِّحُهَا وَنُظْهِرُهَا، {ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} أَيْ ثُمَّ انْظُرْ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ وَالْوُضُوحِ وَالْجَلَاءِ أَيْنَ يَذْهَبُونَ، وَبِأَيِّ قَوْلٍ يَتَمَسَّكُونَ، وَإِلَى أَيِّ مَذْهَبٍ مِنَ الضَّلَالِ يَذْهَبُونَ؟.

- 76 - قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
- 77 - قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ

يَقُولُ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى مَنْ عَبَدَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ وَالْأَوْثَانِ، وَمُبِّينًا لَهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ شيئاً من الإلهية، فقال تعالى: {قُلْ} أَيْ يَا مُحَمَّدُ لِهَؤُلَاءِ الْعَابِدِينَ غَيْرَ اللَّهِ مِنْ سَائِرِ فِرَقِ بَنِي آدَمَ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ النَّصَارَى وَغَيْرُهُمْ {أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً} أي لا يقدر على دفع ضر عنكم ولا إيصال نفع إليكم، {والله هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} أَيِ السَّمِيعُ لِأَقْوَالِ عِبَادِهِ الْعَلِيمُ بكل شيء، فلمَ عدلتم عنه إِلَى عِبَادَةِ جَمَادٍ لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلَا يَعْلَمُ شَيْئًا وَلَا يَمْلِكُ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا لِغَيْرِهِ وَلَا لِنَفْسِهِ؟ ثُمَّ قَالَ: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} أَيْ لَا تُجَاوِزُوا الْحَدَّ فِي اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَلَا تُطْرُوا مَنْ أُمِرْتُمْ بِتَعْظِيمِهِ، فَتُبَالِغُوا فِيهِ حَتَّى تُخْرِجُوهُ عَنْ حَيِّزِ النُّبُوَّةِ إلى مقام الإلهية، كما صنعتم في المسح وَهُوَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَجَعَلْتُمُوهُ إِلَهًا مِنْ دون الله، وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخكم شيوخ الضَّلَالِ الَّذِينَ هُمْ سَلَفُكُمْ مِمَّنْ ضَلَّ قَدِيمًا، {وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ}، أَيْ وَخَرَجُوا عَنْ طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ وَالِاعْتِدَالِ إِلَى طَرِيقِ الغواية والضلال.

- 78 - لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
- 79 - كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
- 80 - تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا

اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 537
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست