responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 523
وقوله تعالى: {وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} أَيْ وَجَعَلْنَا الْإِنْجِيلَ هُدًى يهتدى به، وموعظة أي زاجراً عَنِ ارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ وَالْمَآثِمِ لِّلْمُتَّقِينَ، أَيْ لِمَنِ اتقى الله وخاف وعيده وعقابه. قوله تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ} قرىء {وليَحكُم} أهل الإنجيل بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ اللَّامَ لَامُ كَيْ أَيْ وآتيناه الإنجيل ليحكم أهل ملته به في زمانهم، وقرىء {وليحكم} بالجزم على أن اللَّامُ لَامُ الْأَمْرِ، أَيْ لِيُؤْمِنُوا بِجَمِيعِ مَا فيه وليقيموا ما أمروا به فيه وبما فيه البشارة ببعثة محمد وَالْأَمْرُ بِاتِّبَاعِهِ وَتَصْدِيقِهِ إِذَا وُجِدَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن ربكم} الآية. وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ في التوراة} إلى قوله: {المفلحون} ولهذا قال ههنا: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} أَيِ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِمْ، الماثلون إلى الباطل، والتاركون لِلْحَقِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ في النصارى وهو ظاهر من السياق.

- 48 - وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُم بِمَآ أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ ليبلوكم فيما آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
- 49 - وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَآ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ
- 50 - أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ

لَمَّا ذكر تعالى التوراة التي أنزلها على موسى كليمه ومدحها وأثنى عليها وأمر باتبعاها حَيْثُ كَانَتْ سَائِغَةَ الِاتِّبَاعِ، وَذَكَرَ الْإِنْجِيلَ وَمَدَحَهَ وَأَمَرَ أَهْلَهَ بِإِقَامَتِهِ وَاتِّبَاعِ مَا فِيهِ كَمَا تقدم بيانه، شرع فِي ذِكْرِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى عبده ورسوله الكريم، فقال تعالى: {وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} أَيْ بِالصِّدْقِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} أَيْ مِنَ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ ذِكْرَهُ وَمَدْحَهُ، وَأَنَّهُ سَيَنْزِلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ نُزُولُهُ كَمَا أَخْبَرَتْ بِهِ مِمَّا زَادَهَا صِدْقًا عِنْدَ حَامِلَيْهَا مِنْ ذَوِي الْبَصَائِرِ، الَّذِينَ انْقَادُوا لِأَمْرِ اللَّهِ وَاتَّبَعُوا شَرَائِعَ اللَّهِ، وَصَدَّقُوا رُسُلَ اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لمفعولاً} أَيْ إِنْ كَانَ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ عَلَى ألسنة رسله المتقدمة مِنْ مَجِيءِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَفْعُولًا أَيْ لكائناً لا محالة وَلاَ بد. وقوله تعالى: {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} قال ابن عباس: أي مؤتمناً عليه، وعنه أيضاً الْمُهَيْمِنُ: الْأَمِينُ، قَالَ: الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كتاب قبله. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْقُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى الْكُتُبِ المتقدمة قبله، فَمَا وَافَقَهُ مِنْهَا فَهُوَ حَقٌّ، وَمَا خَالَفَهُ مِنْهَا فَهُوَ بَاطِلٌ. وَعَنِ الْوَالِبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَمُهَيْمِناً} أَيْ شَهِيدًا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَمُهَيْمِناً}

اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 523
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست