responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 457
فَاصْرِفْهَا عَنِّي، وَحَتَّى إِنَّ جِلْدَهُ مِنْ كَرْبِ ذَلِكَ لَيَتَفَصَّدُ دَمًا، فَدَخَلَ الْمَدْخَلَ الَّذِي أَجْمَعُوا أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ فِيهِ لِيَقْتُلُوهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمَّا أَيْقَنَ أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ عَلَيْهِ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ مِنَ الحواريين - وكانوا اثني عَشَرَ رَجُلًا سِوَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ جَحَدَتْهُ النصارى، فَجَحَدُوهُ حِينَ أَقَرُّوا لِلْيَهُودِ بِصَلْبِ عِيسَى وَكَفَرُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الخبر.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ كَانَ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ، أَنَّ عِيسَى حِينَ جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ إني رافعك إِلَيَّ، قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أن يكون رفيقي في الجنة حتى يُشَبَّهَ لِلْقَوْمِ فِي صُورَتِي فَيَقْتُلُوهُ فِي مَكَانِي؟ فَقَالَ (سِرْجِسُ): أَنَا يَا رُوحَ اللَّهِ، قَالَ: فَاجْلِسْ فِي مَجْلِسِي فَجَلَسَ فِيهِ، وَرُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَأَخَذُوهُ فَصَلَبُوهُ، فَكَانَ هُوَ الَّذِي صَلَبُوهُ وَشُبِّهَ لَهُمْ بِهِ، وَكَانَتْ عِدَّتُهُمْ حِينَ دَخَلُوا مَعَ عِيسَى مَعْلُومَةً، قَدْ رأوهم فأحصوا عدتهم، فلما دخلوا عليهم ليأخذوه وجدوا عيسى وأصحابه فيما يرون وَفَقَدُوا رَجُلًا مِنَ الْعِدَّةِ، فَهُوَ الَّذِي اخْتَلَفُوا فيه، وكانوا لا يعرفون عيسى جعلوا ل (ليودس ركريا يُوطَا) ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَيْهِ وَيُعَرِّفَهُمْ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهُمْ: إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَيْهِ فَإِنِّي سَأُقَبِّلُهُ، وَهُوَ الَّذِي أقبِّل فَخُذُوهُ، فَلَمَّا دَخَلُوا وَقَدْ رُفِعَ عِيسَى وَرَأَى سِرْجِسَ فِي صورة عيسى فلم يشك أنه هو، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ، فَأَخَذُوهُ فَصَلَبُوهُ، ثُمَّ إِنْ (ليودس ركريا يُوطَا) نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ، فَاخْتَنَقَ بِحَبْلٍ حَتَّى قَتَلَ نَفْسَهُ وَهُوَ مَلْعُونٌ فِي النَّصَارَى، وَقَدْ كَانَ أَحَدَ الْمَعْدُودِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَبَعْضُ النصارى يزعم أنه (ليودس ركريا يوطا) وهو الَّذِي شُبِّهَ لَهُمْ فَصَلَبُوهُ، وَهُوَ يَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ بِصَاحِبِكُمْ، أَنَا الَّذِي دَلَلْتُكُمْ عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيَّ ذَلِكَ كَانَ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ عن مجاهد: صلبوا رجلاً شبه بِعِيسَى وَرَفَعَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ عِيسَى إِلَى السَّمَاءِ حَيًّا، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ شَبَهَ عِيسَى أُلْقِيَ عَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِن مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى ذَلِكَ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} يَعْنِي قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى، يُوَجِّهُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ جَمِيعَهُمْ يُصَدِّقُونَ بِهِ إِذَا نَزَلَ لِقَتْلِ الدَّجَّالِ، فَتَصِيرُ الْمِلَلُ كُلُّهَا وَاحِدَةً، وَهِيَ مِلَّةُ (الْإِسْلَامِ الْحَنِيفِيَّةُ) دِينُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. عن ابن عباس {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قَالَ: قَبْلَ موت عيسى بن مريم عليه السلام، وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ: {إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قَالَ: ذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ عيسى وقبل موت عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ أهل الكتاب إلا آمن به وقال: الحسن: قبل موت عيسى والله إنه لحي الآن عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنْ إِذَا نَزَلَ آمَنُوا بِهِ أجمعون. قال ابن جرير وقال آخرون يعني بذلك {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} بعيسى قبل موت صاحب الكتاب لِأَنَّ كُلَّ مَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ لَمْ تَخْرُجْ نَفْسُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ مِنَ الباطل في دينه. قال ابن عباس في الآية: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى وعن مجاهد: كُلُّ صَاحِبِ كِتَابٍ يُؤْمِنُ بِعِيسَى قَبْلَ مَوْتِهِ؛ قبل موت صاحب الكتاب.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ (قَبْلَ مَوْتِهِمْ) لَيْسَ يَهُودِيٌّ يَمُوتُ أَبَدًا حَتَّى يُؤْمِنَ بِعِيسَى، قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ خَرَّ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ؟ قَالَ: يَتَكَلَّمُ بِهِ فِي الهويّ قيل: أرأيت إن ضربت عنق أحدهم قال: يلجلج بها لسانه، فَهَذِهِ كُلُّهَا أَسَانِيدُ صَحِيحَةٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وكذا صح عن مجاهد وعكرمة وابن سيرين وبه يقول الضحاك وقال السدي وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،

اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست