responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 437
يَقُولُ تَعَالَى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ} يَعْنِي كَلَامَ النَّاسِ {إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} أَيْ إِلَّا نَجْوَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَامُ ابْنِ آدَمَ كله عليه لا له إلا ذكر الله عزَّ وجلَّ؛ أَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ؛ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ»، وفي الحديث: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خيراً؛ أو يقول خيراً»، وقال الإمام أحمد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة» قالوا بلى يا رسول الله قَالَ: «إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ» قَالَ: «وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، {وَمَن يَفْعَلْ ذلك ابتغآء مرضات اللَّهِ} أَيْ مُخْلِصًا فِي ذَلِكَ مُحْتَسِبًا ثَوَابَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} أي ثواباً جزيلاً كثيراً واسعاً.
وقوله تَعَالَى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} أَيْ وَمَنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَارَ فِي شِقٍّ، وَالشَّرْعُ فِي شِقٍّ وَذَلِكَ عَنْ عَمْدٍ مِنْهُ، بَعْدَمَا ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ وَتَبَيَّنَ لَهُ وَاتَّضَحَ لَهُ، وَقَوْلُهُ: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} هَذَا مُلَازِمٌ لِلصِّفَةِ الْأُولَى، وَلَكِنْ قَدْ تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ لِنَصِّ الشارع وقد تكون لما اجتمعت عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ، فِيمَا عُلِمَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا، فَإِنَّهُ قَدْ ضُمِنَتْ لَهُمُ الْعِصْمَةُ فِي اجْتِمَاعِهِمْ مِنَ الْخَطَأِ، تَشْرِيفًا لَهُمْ وَتَعْظِيمًا لِنَبِيِّهِمْ، وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك. وَمِنِ الْعُلَمَاءِ مَنِ ادَّعَى تَوَاتُرَ مَعْنَاهَا، وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً تَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ بَعْدَ التَّرَوِّي وَالْفِكْرِ الطَّوِيلِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الِاسْتِنْبَاطَاتِ وَأَقْوَاهَا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قد استشكل ذلك فاستبعد الدِّلَالَةَ مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ وَلِهَذَا تَوَعَّدَ تَعَالَى على ذلك بقول: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً} أي إذا سلك هذه الطريق جازيناه علىذلك بِأَنْ نُحْسِّنَهَا فِي صَدْرِهِ وَنُزَيِّنَهَا لَهُ اسْتِدْرَاجًا لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} وَقَوْلُهُ: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} وَجَعْلَ النَّارَ مَصِيرَهُ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ عَنِ الْهُدَى لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إِلَّا إِلَى النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ} الآية وَقَالَ تَعَالَى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مصرفاً}.

- 116 - إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا
- 117 - إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً
- 118 - لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً
- 119 - وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا
- 120 - يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا
- 121 - أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا
- 122 - وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ

اسم الکتاب : مختصر تفسير ابن كثير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 437
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست