responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في ظلال القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 198
عند الكلام عن التحرج من الطواف بالصفا والمروة.
وقد نزلت إباحة البيع والشراء والكراء في الحج، وسماها القرآن ابتغاء من فضل الله:
«لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ» ..
ليشعر من يزاولها أنه يبتغي من فضل الله حين يتجر وحين يعمل بأجر وحين يطلب أسباب الرزق: إنه لا يرزق نفسه بعمله. إنما هو يطلب من فضل الله، فيعطيه الله. فأحرى ألا ينسى هذه الحقيقة وهي أنه يبتغي من فضل الله، وأنه ينال من هذا الفضل حين يكسب وحين يقبض وحين يحصل على رزقه من وراء الأسباب التي يتخذها للارتزاق. ومتى استقر هذا الإحساس في قلبه، وهو يبتغي الرزق، فهو إذن في حالة عبادة لله، لا تتنافى مع عبادة الحج، في الاتجاه إلى الله.. ومتى ضمن الإسلام هذه المشاعر في قلب المؤمن أطلقه يعمل وينشط كما يشاء.. وكل حركة منه عبادة في هذا المقام.
لهذا يجعل الحديث عن طلب الرزق جزءاً من آية تتحدث عن بقية شعائر الحج، فتذكر الإفاضة والذكر عند المشعر الحرام:
«فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ. وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ» ..
والوقوف بعرفة عمدة أفعال الحج.. روى أصحاب السنن بإسناد صحيح عن الثوري عن بكير، عن عطاء، عن عبد الرحمن بن معمر الديلمي. قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «الحج عرفات- ثلاثاً- فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك. وأيام منى ثلاثة. فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه» ..
ووقت الوقوف بعرفة من الزوال (الظهر) يوم عرفة- وهو اليوم التاسع من ذي الحجة- إلى طلوع الفجر من يوم النحر.. وهناك قول ذهب إليه الإمام أحمد، وهو أن وقت الوقوف من أول يوم عرفة. استناداً إلى حديث رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي. عن الشعبي عن عروة بن مضرس بن حارثة بن لام الطائي قال: «أتيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت:
يا رسول الله إني جئت من جبل طيء. أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه. فهل لي من حج؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من شهد صلاتنا هذه فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى تفثه» .
وقد سن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- للوقوف هذا الوقت- على أي القولين- ومد وقت الوقوف بعرفة إلى فجر يوم النحر- وهو العاشر من ذي الحجة- ليخالف هدي المشركين في وقوفهم بها.. روى ابن مردويه والحاكم في المستدرك كلاهما من حديث عبد الرحمن بن المبارك العيشي- بإسناده- عن المسور ابن مخرمة قال: «خطبنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو بعرفات. فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: «أما بعد- وكان إذا خطب خطبة قال: أما بعد- فإن هذا اليوم الحج الأكبر. ألا وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل أن تغيب الشمس، إذا كانت الشمس في رؤس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوهها. وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس، مخالفاً هدينا هدي أهل الشرك» ..
والذي ورد عن فعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه دفع بعد غروب شمس يوم عرفة، وقد جاء في حديث جابر بن عبد الله- في صحيح مسلم- «فلم يزل واقفاً- يعني بعرفة- حتى غربت الشمس وبدت

اسم الکتاب : في ظلال القرآن المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست