responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 600
افْتُتِحَتْ بِهِ السُّورَةُ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ، وَكَانَ قَدْ بَقِيَتْ لَهُمْ أَحْكَامٌ لَمْ يَعْرِفُوهَا، فَسَأَلُوا، فَقِيلَ لَهُمُ: اللَّهُ يُفْتِيكُمْ. قَوْلُهُ: وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: اللَّهُ يُفْتِيكُمْ وَالْمَعْنَى: وَالْقُرْآنُ الَّذِي يُتْلَى عَلَيْكُمْ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ. وَالْمَتْلُوُّ فِي الْكِتَابِ فِي مَعْنَى الْيَتَامَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى [1] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَما يُتْلى مَعْطُوفًا عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: يُفْتِيكُمْ الرَّاجِعُ إِلَى الْمُبْتَدَأِ، لِوُقُوعِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالْمَفْعُولِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً، وفي الْكِتَابِ: خَبَرَهُ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَقَدْ قِيلَ فِي إِعْرَابِهِ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ نَذْكُرْهُ لِضَعْفِهِ.
وَقَوْلُهُ: فِي يَتامَى النِّساءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي: صِلَةٌ لِقَوْلِهِ: يُتْلى وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ: بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: فِيهِنَّ. اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ أَيْ: مَا فُرِضَ لَهُنَّ مِنَ الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ وَتَرْغَبُونَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا تُؤْتُونَهُنَّ عَطْفُ جُمْلَةٍ مُثْبَتَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ مَنْفِيَّةٍ. وَقِيلَ: حَالٌ مِنْ فَاعِلِ تُؤْتُونَهُنَّ. وَقَوْلِهِ: أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: فِي أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ، أَيْ: تَرْغَبُونَ فِي أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ لِجَمَالِهِنَّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَتَرْغَبُونَ عَنْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ لِعَدَمِ جَمَالِهِنَّ. قَوْلُهُ:
وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ مَعْطُوفٌ عَلَى يَتَامَى النِّسَاءِ، أَيْ: وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ، وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ، وَهُوَ قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [2] وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ ومن كَانَ مُسْتَضْعَفًا مِنَ الْوِلْدَانِ كَمَا سَلَفَ، وَإِنَّمَا يُوَرِّثُونَ الرِّجَالَ الْقَائِمِينَ بِالْقِتَالِ وَسَائِرِ الْأُمُورِ. قَوْلُهُ:
وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِي يَتامَى النِّساءِ كَالْمُسْتَضْعَفِينَ، أَيْ: وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ وَفِي الْمُسْتَضْعَفِينَ وَفِي أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ، أَيْ: الْعَدْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، أَيْ: وَيَأْمُرُكُمْ أَنْ تَقُومُوا. وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فِي حقوق المذكورين فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً يُجَازِيكُمْ بِحَسَبِ فِعْلِكُمْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ الْآيَةَ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ الْمَوْلُودَ حَتَّى يَكْبُرَ، وَلَا يُوَرِّثُونَ الْمَرْأَةَ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ قَالَ: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فِي الْفَرَائِضِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَلَا الصِّبْيَانَ شَيْئًا، كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يَغْزُونَ، وَلَا يَغْنَمُونَ خَيْرًا. فَفَرَضَ اللَّهُ لَهُنَّ الْمِيرَاثَ حَقًّا وَاجِبًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ بِأَطْوَلَ مِنْهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي الْآيَةِ قَالَ: كَانُوا إِذَا كَانَتِ الْجَارِيَةُ يَتِيمَةً دَمِيمَةً لَمْ يُعْطُوهَا مِيرَاثَهَا وَحَبَسُوهَا مِنَ التَّزْوِيجِ حَتَّى تَمُوتَ فَيَرِثُونَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ إِلَى قَوْلِهِ: وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ قَالَتْ: هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْيَتِيمَةُ هُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا قَدْ شَرَكَتْهُ فِي مَالِهِ حَتَّى فِي الْعَذْقِ [3] ، فَيَرْغَبُ أَنَّ يَنْكِحَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلًا فتشركه في ماله بما شركته، فيعضلها،

[1] النساء: 3.
[2] النساء: 11.
[3] قال في القاموس: العذق بالفتح: النخلة بحملها، والعذق بالكسر: القنو منها، والعنقود من العنب.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 600
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست