responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 542
سَبِيلٍ. قَالَ: وَالْعَابِرُ السَّبِيلِ: الْمُجْتَازُ مَرًّا وَقَطْعًا، يُقَالُ مِنْهُ: عَبَرْتُ هَذَا الطَّرِيقَ فَأَنَا أَعْبُرُهُ عَبْرًا وَعُبُورًا، وَمِنْهُ قِيلَ: عَبَرَ فُلَانٌ النَّهَرَ إِذَا قَطَعَهُ وَجَاوَزَهُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ الْقَوِيَّةِ: هِيَ عَبْرُ أَسْفَارٍ، لِقُوَّتِهَا عَلَى قَطْعِ الْأَسْفَارِ.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا الَّذِي نَصَرَهُ، يَعْنِي: ابْنَ جَرِيرٍ، هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ: حَتَّى تَغْتَسِلُوا غَايَةٌ لِلنَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ أَوْ مَوَاضِعِهَا حَالَ الْجَنَابَةِ. وَالْمَعْنَى: لَا تَقْرَبُوهَا حَالَ الْجَنَابَةِ حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا حَالَ عُبُورِكُمُ السَّبِيلَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى الْمَرَضُ: عِبَارَةٌ عَنْ خُرُوجِ الْبَدَنِ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ وَالِاعْتِيَادِ إِلَى الِاعْوِجَاجِ وَالشُّذُوذِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ كَثِيرٍ وَيَسِيرٍ. وَالْمُرَادُ هُنَا: أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ أَوِ الضَّرَرَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، أَوْ كَانَ ضَعِيفًا فِي بَدَنِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى مَوْضِعِ الْمَاءِ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يَتَطَهَّرُ وَإِنْ مَاتَ، وَهَذَا بَاطِلٌ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [1] وقوله: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [2] وقوله: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ [3] قَوْلُهُ: أَوْ عَلى سَفَرٍ فِيهِ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُسَافِرِ، وَالْخِلَافُ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ سَفَرَ قَصْرٍ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْمُسَافِرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَاضِرِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ: إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ:
لَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ الصَّحِيحِ أَنْ يَتَيَمَّمَ إِلَّا أَنْ يَخَافَ التَّلَفَ. قَوْلُهُ: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ هُوَ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ، وَالْمَجِيءُ مِنْهُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْحَدَثِ، وَالْجَمْعُ: الْغِيطَانُ وَالْأَغْوَاطُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقْصِدُ هَذَا الصِّنْفَ مِنَ الْمَوَاضِعِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ تَسَتُّرًا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، ثُمَّ سُمِّيَ الْحَدَثُ الْخَارِجُ مِنَ الْإِنْسَانِ غَائِطًا تَوَسُّعًا، وَيَدْخُلُ فِي الْغَائِطِ جَمِيعُ الْأَحْدَاثِ النَّاقِضَةِ لِلْوُضُوءِ. قَوْلُهُ: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَعَاصِمٌ، وَابْنُ عَامِرٍ: لامَسْتُمُ وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: لَمَسْتُمْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِهَا بِمَا فِي الْقِرَاءَتَيْنِ:
الْجِمَاعُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ: مُطْلَقُ الْمُبَاشَرَةِ وَقِيلَ: إِنَّهُ يَجْمَعُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ: الْأَوْلَى فِي اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ لامَسْتُمُ بِمَعْنَى قَبَّلْتُمْ وَنَحْوِهِ، وَلَمَسْتُمْ بِمَعْنَى غَشِيتُمْ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْمُلَامَسَةُ هُنَا مُخْتَصَّةٌ بِالْيَدِ دُونَ الْجِمَاعِ، قَالُوا:
وَالْجُنُبُ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى التَّيَمُّمِ بَلْ يَغْتَسِلُ أَوْ يَدَعُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَقُلْ بِقَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ، وَحَمَلَةِ الْآثَارِ. انْتَهَى. وَأَيْضًا: الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَدْفَعُهُ وَتُبْطِلُهُ، كَحَدِيثِ عَمَّارٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي ذَرٍّ فِي تيمم الجنب. وقال طَائِفَةٌ: هُوَ الْجِمَاعُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [4] ، وَقَوْلُهُ:
وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [5] وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ، وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمُقَاتِلِ بن حبان، وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُلَامِسُ بِالْجِمَاعِ يَتَيَمَّمُ، وَالْمُلَامِسُ بِالْيَدِ يَتَيَمَّمُ إِذَا الْتَذَّ، فَإِنْ لَمَسَهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا وُضُوءَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا أَفْضَى الرَّجُلُ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ إِلَى بَدَنِ الْمَرْأَةِ سَوَاءً كَانَ بِالْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ انْتَقَضَتْ بِهِ الطَّهَارَةُ وَإِلَّا فَلَا. وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ ابن مسعود، وابن عمر، والزهري،

[1] الحج: 78.
[2] النساء: 29.
[3] البقرة: 185.
[4] الأحزاب: 49.
[5] البقرة: 237.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 542
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست