responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 508
أَنْ تَعْضُلُوا أَزْوَاجَكُمْ: أَيْ تَحْبِسُوهُنَّ عِنْدَكُمْ مَعَ عَدَمِ رُغُوبِكُمْ [1] فِيهِنَّ، بَلْ لِقَصْدِ أَنْ تَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ مِنَ الْمَهْرِ، يَفْتَدِينَ بِهِ مِنَ الْحَبْسِ وَالْبَقَاءِ تَحْتَكُمْ، وَفِي عُقْدَتِكُمْ مَعَ كَرَاهَتِكُمْ لَهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ جَازَ لَكُمْ مُخَالَعَتُهُنَّ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ. قَوْلُهُ: مُبَيِّنَةٍ قَرَأَ نَافِعٌ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ عَامِرٍ، وَحَفْصٌ وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: بِكَسْرِ الْيَاءِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِفَتْحِهَا. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُبَيِّنَةٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، مِنْ أَبَانَ الشَّيْءَ فَهُوَ مُبِينٌ. قَوْلُهُ: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ: بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَبَيْنَ أَهْلِهَا مِنْ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ، وَهُوَ خِطَابٌ لِلْأَزْوَاجِ أَوْ لِمَا هُوَ أَعَمُّ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ فِي الْغِنَى، وَالْفَقْرِ، وَالرِّفَاعَةِ، وَالْوَضَاعَةِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ لِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ فَاحِشَةٍ وَلَا نُشُوزٍ فَعَسى أن يؤول الْأَمْرُ إِلَى مَا تُحِبُّونَهُ مِنْ ذَهَابِ الْكَرَاهَةِ وَتَبَدُّلِهَا بِالْمَحَبَّةِ، فَيَكُونَ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ مِنِ اسْتِدَامَةِ الصُّحْبَةِ وَحُصُولِ الْأَوْلَادِ، فَيَكُونُ الْجَزَاءُ عَلَى هَذَا مَحْذُوفًا مَدْلُولًا عَلَيْهِ بِعِلَّتِهِ، أَيْ: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَاصْبِرُوا فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [2] . قَوْلُهُ: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي آلِ عِمْرَانَ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا: الْمَالُ الْكَثِيرُ، فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا. قِيلَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَقِيلَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ [3] وَالْأَوْلَى: أَنَّ الْكُلَّ مُحْكَمٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا: غَيْرُ الْمُخْتَلِعَةِ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا آتَاهَا شَيْئًا. قَوْلُهُ: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ وَالتَّقْرِيعِ. وَالْجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى النَّهْيِ. وَقَوْلُهُ: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ إِنْكَارٌ بَعْدَ إِنْكَارٍ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْعِلَّةِ الَّتِي تَقْتَضِي مَنْعَ الْأَخْذِ: وَهِيَ الْإِفْضَاءُ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَهُوَ إِذَا كَانَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ، جَامَعَ أَوْ لَمْ يُجَامِعْ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
الْإِفْضَاءُ: أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: الْإِفْضَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:
الْجِمَاعُ، وَأَصْلُ الْإِفْضَاءِ فِي اللُّغَةِ الْمُخَالَطَةُ، يُقَالُ لِلشَّيْءِ الْمُخْتَلِطِ: فَضَاءٌ، وَيُقَالُ: الْقَوْمُ فَوْضَى وَفَضَاءٌ، أَيْ:
مُخْتَلِطُونَ لَا أَمِيرَ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً مَعْطُوفٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ، أَيْ: وَالْحَالُ أَنْ قَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَقَدْ أَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا وَهُوَ عَقْدُ النِّكَاحِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: «فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ [4] وَقِيلَ: هُوَ الْأَوْلَادُ. قَوْلُهُ: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ نَهْيٌ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ نِكَاحِ نِسَاءِ آبَائِهِمْ إِذَا مَاتُوا، وَهُوَ شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهُ مِنَ النِّسَاءِ وَمَنْ لَا يَحْرُمُ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَجْهَ النَّهْيِ عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا هَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلَاثُ تَدُلُّ: عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَشَدِّ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَقْبَحِهَا، وَقَدْ كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تُسَمِّيهِ نِكَاحَ الْمَقْتِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: سَأَلْتُ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ عَنْ نِكَاحِ الْمَقْتِ فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةَ أَبِيهِ إِذَا طَلَّقَهَا، أو مات عنها، ويقال لهذا: الضيزن، وأصل

[1] الأولى أن يقول: عدم رغبتكم فيهن، حيث لم نجد هذا المصدر «رغوب» فيما راجعناه من معاجم اللغة، انظر مصادر فعل «رغب» في لسان العرب وتاج العروس وغيرهما. [.....]
[2] البقرة: 229.
[3] البقرة: 229.
[4] البقرة: 229.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 508
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست