responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 497
الثُّلْثَانِ، هَكَذَا احْتَجَّ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَالْمُبَرِّدُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ غَلَطٌ، لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْبِنْتَيْنِ إِذَا انْفَرَدَتَا عَنِ الْبَنِينَ، وَأَيْضًا لِلْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ إِذَا تَرَكَ بِنْتَيْنِ وَابْنًا فَلِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفُ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا فَرْضُهُمَا، وَيُمْكِنُ تَأْيِيدُ مَا احْتَجَّ بِهِ الْجُمْهُورُ: بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا فَرَضَ لِلْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ إِذَا انْفَرَدَتِ النِّصْفَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ كَانَ فَرْضُ الْبِنْتَيْنِ إِذَا انْفَرَدَتَا فَوْقَ فَرْضِ الْوَاحِدَةِ، وَأَوْجَبَ الْقِيَاسُ عَلَى الْأُخْتَيْنِ الِاقْتِصَارَ لِلْبِنْتَيْنِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ. وَقِيلَ: إِنَّ: فَوْقَ، زَائِدَةٌ، وَالْمَعْنَى: وَإِنْ كُنَّ نِسَاءً اثْنَتَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ [1] أَيِ: الْأَعْنَاقَ، وَرَدَّ هَذَا النَّحَّاسُ، وَابْنُ عَطِيَّةَ فَقَالَا: هُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّ الظُّرُوفَ وَجَمِيعَ الْأَسْمَاءِ لَا تَجُوزُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ تُزَادَ لِغَيْرِ مَعْنًى. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلِأَنَّ قَوْلَهُ: فَوْقَ الْأَعْناقِ هُوَ الْفَصِيحُ، وَلَيْسَتْ فَوْقَ زَائِدَةٌ، بَلْ هِيَ مُحْكَمَةُ الْمَعْنَى، لِأَنَّ ضَرْبَةَ الْعُنُقِ إِنَّمَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ فَوْقَ الْعِظَامِ فِي الْمَفْصَلِ دُونَ الدِّمَاغِ، كَمَا قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ: اخْفِضْ عَنِ الدِّمَاغِ، وَارْفَعْ عَنِ الْعَظْمِ، فَهَكَذَا كُنْتُ أَضْرِبُ أَعْنَاقَ الْأَبْطَالِ. انْتَهَى. وَأَيْضًا: لَوْ كَانَ لَفْظُ فَوْقَ زَائِدًا كَمَا قَالُوا: لَقَالَ: فَلَهُمَا ثُلُثَا مَا تَرَكَ، وَلَمْ يَقُلْ: فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ، وَأَوْضَحُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ لِلْجُمْهُورِ: مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَتِ امرأة سعد بن الربيع رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَاتَانِ ابْنَتَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَكَ فِي أُحُدٍ شَهِيدًا، وَإِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ مَالَهُمَا، فَلَمْ يدع لهما مالا، ولا تنكحان إِلَّا وَلَهُمَا مَالٌ، فَقَالَ: يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ الْآيَةَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَمِّهِمَا فَقَالَ: أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ وَأُمَّهُمَا الثُّمُنَ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ، أَخْرَجُوهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ. قَوْلُهُ:
وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ قَرَأَ نَافِعٌ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ: «وَاحِدَةٌ» بِالرَّفْعِ، عَلَى أَنَّ: كَانَ، تَامَّةٌ بِمَعْنَى: فَإِنْ وُجِدَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ حَدَثَتْ وَاحِدَةٌ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِالنَّصْبِ، قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ حَسَنَةٌ، أَيْ: وَإِنْ كَانَتِ الْمَتْرُوكَةُ أَوِ الْمَوْلُودَةُ وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ أَيْ: لِأَبَوَيِ الْمَيِّتِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ غَيْرِ مذكور، وجاز ذلك لدلالة الكلام عليه وفَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِأَبَوَيْهِ بِتَكْرِيرِ الْعَامِلِ لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّفْصِيلِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَنُعَيْمُ بن ميسرة «السدس» بسكون الدال، وكذلك قرءا: الثُّلْثَ، وَالرُّبْعَ إِلَى الْعُشْرِ: بِالسُّكُونِ، وَهِيَ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَرَبِيعَةَ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِالتَّحْرِيكِ ضَمًّا، وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ فِي جَمِيعِهَا. وَالْمُرَادُ بِالْأَبَوَيْنِ: الْأَبُ وَالْأُمُّ، وَالتَّثْنِيَةُ عَلَى لَفْظِ الْأَبِ: لِلتَّغْلِيبِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَدِّ: هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فَتَسْقُطُ بِهِ الْإِخْوَةُ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَيَّامَ خِلَافَتِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَقَالَ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةُ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجُّوا بِمِثْلِ قَوْلِهِ تعالى:

[1] الأنفال: 12.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 497
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست