responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 393
تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا ... أَوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا الْقَوْلُ غَلَطٌ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، لِأَنَّ الْبَعْضَ وَالْجُزْءَ لَا يَكُونَانِ بِمَعْنَى الْكُلِّ، وَلِأَنَّ عِيسَى لَمْ يُحَلِّلْ لَهُمْ جَمِيعَ مَا حَرَّمَتْهُ عَلَيْهِمُ التَّوْرَاةُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَلِّلِ الْقَتْلَ ولا السرقة وَلَا الْفَاحِشَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ الثَّابِتَةِ فِي الْإِنْجِيلِ، مَعَ كَوْنِهَا ثَابِتَةً فِي التَّوْرَاةِ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ يَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ يَعْرِفُ الْكِتَابَيْنِ، ولكنه قد يقع البعض موضع الْكُلِّ مَعَ الْقَرِينَةِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَبَا مُنْذِرٍ أَفْنَيْتَ فَاسْتَبْقِ بَعْضَنَا ... حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
أَيْ: بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ كُلِّهِ. قَوْلُهُ: بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ هِيَ قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ آيَةً، لِأَنَّ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ، فَمَجِيئُهُ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ يَكُونُ عَلَامَةً عَلَى نُبُوَّتِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هذه الآية هي الْآيَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَتَكُونُ تَكْرِيرًا لِقَوْلِهِ: أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ الْآيَةَ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: بِكَلِمَةٍ قَالَ: عِيسَى هُوَ الْكَلِمَةُ مِنَ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْمَهْدُ: مَضْجَعُ الصَّبِيِّ فِي رَضَاعِهِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى، وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ كَانَ يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي؟ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَةٍ فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ؟ قَالَ: لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمُصُّهُ، ثُمَّ مَرَّ بِأَمَةٍ تجرر وَيُلْعَبُ بِهَا فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ، فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَقَالَتْ: لِمَ ذَاكَ؟ فَقَالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْتِ، وَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَيَقُولُونَ: سَرَقْتِ، وَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا عِيسَى، وَشَاهِدُ يُوسُفَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ مَاشِطَةِ فِرْعَوْنَ» . وأخرج عبد ابن حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا قَالَ: يُكَلِّمُهُمْ صَغِيرًا وَكَبِيرًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْكَهْلُ: هُوَ مَنْ فِي سِنِّ الْكُهُولَةِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْكَهْلُ: الْحَلِيمُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ قَالَ: الْخَطُّ بِالْقَلَمِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا خَلَقَ عِيسَى طائرا واحدا وهو الخفاش. وأخرج ابن جريج، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست