responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 306
تَكَسَّرَتْ وَرُفِعَ مِنْهَا وَجُمِعَ مَا بَقِيَ فَجَعَلَهُ فِي التَّابُوتِ، وَكَانَتِ الْعَمَالِقَةُ قَدْ سَبَتْ ذَلِكَ التَّابُوتَ، وَالْعَمَالِقَةُ:
فِرْقَةٌ مِنْ عَادٍ كَانُوا بِأَرْيِحَاءَ، فَجَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالتَّابُوتِ تَحْمِلُهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى وَضَعَتْهُ عِنْدَ طَالُوتَ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَالُوا: نَعَمْ، فَسَلَّمُوا لَهُ وَمَلَّكُوهُ، وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ إِذَا حَضَرُوا قِتَالًا قَدَّمُوا التَّابُوتَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَيَقُولُونَ: إِنَّ آدَمَ نَزَلَ بِذَلِكَ التَّابُوتِ: وَبِالرُّكْنِ، وَبِعَصَا مُوسَى مِنَ الْجَنَّةِ. وَبَلَغَنِي:
أَنَّ التَّابُوتَ وَعَصَا مُوسَى فِي بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، وَأَنَّهُمَا يَخْرُجَانِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْمَعْنَى مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ فَلَا يَأْتِي التَّطْوِيلُ بِذِكْرِ ذَلِكَ بِفَائِدَةٍ يُعْتَدُّ بِهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَزادَهُ بَسْطَةً يَقُولُ: فَضِيلَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ يَقُولُ: كَانَ عَظِيمًا جَسِيمًا يَفْضُلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعُنُقِهِ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ قَالَ: الْعِلْمُ بِالْحَرْبِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ: أَنَّهُ سُئِلَ أَنَبِيًّا كَانَ طَالُوتُ؟ قَالَ: لَا، لَمْ يَأْتِهِ وَحْيٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَابُوتِ مُوسَى مَا سِعَتُهُ؟ قَالَ: نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فِي ذِرَاعَيْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: السَّكِينَةُ: الرَّحْمَةُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ قال: السكينة: الطمأنينة. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: السَّكِينَةُ دَابَّةٌ قَدْرُ الْهِرِّ لَهَا عَيْنَانِ لَهُمَا شُعَاعٌ، وَكَانَ إِذَا الْتَقَى الْجَمْعَانِ أَخْرَجَتْ يَدَيْهَا وَنَظَرَتْ إِلَيْهِمْ فَيُهْزَمُ الْجَيْشُ مِنَ الرُّعْبِ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: السَّكِينَةُ: رِيحٌ خَجُوجٌ وَلَهَا رَأْسَانِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: السَّكِينَةُ لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ، ثُمَّ هِيَ بَعْدُ رِيحٌ هَفَّافَةٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: السَّكِينَةُ مِنَ اللَّهِ كَهَيْئَةِ الرِّيحِ، لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْهِرِّ، وَجَنَاحَانِ، وَذَنَبٌ مِثْلُ ذَنَبِ الهرّ. وأخرج سعيد ابن منصور، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ قَالَ: طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ مِنَ الْجَنَّةِ كَانَ يُغْسَلُ بِهَا قُلُوبُ الْأَنْبِيَاءِ أَلْقَى الْأَلْوَاحَ فِيهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قال: هي روح من الله يتكلم، إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ تَكَلَّمَ فَأَخْبَرَهُمْ بِبَيَانِ مَا يُرِيدُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: هِيَ شَيْءٌ تَسْكُنُ إِلَيْهِ قُلُوبُهُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فِيهِ سَكِينَةٌ، أَيْ: وَقَارٌ.
وَأَقُولُ: هَذِهِ التَّفَاسِيرُ الْمُتَنَاقِضَةُ لَعَلَّهَا وَصَلَتْ إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ مِنْ جِهَةِ اليهود أقمأهم الله، فجاؤوا بِهَذِهِ الْأُمُورِ لِقَصْدِ التَّلَاعُبِ بِالْمُسْلِمِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّشْكِيكِ عَلَيْهِمْ، وَانْظُرْ إِلَى جَعْلِهِمْ لَهَا تَارَةً حَيَوَانًا وَتَارَةً جَمَادًا وَتَارَةً شَيْئًا لَا يُعْقَلُ، كَقَوْلِ مُجَاهِدٍ: كَهَيْئَةِ الرِّيحِ لَهَا وَجْهٌ كَوَجْهِ الْهِرِّ، وَجَنَاحَانِ وَذَنَبٌ مِثْلُ ذَنَبِ الْهِرِّ.
وَهَكَذَا كُلُّ مَنْقُولٍ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَتَنَاقَضُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مَا لَا يُعْقَلُ فِي الْغَالِبِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ الْمُتَنَاقِضَةِ مَرْوِيًّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا رَأْيًا رَآهُ قَائِلُهُ، فَهُمْ أَجَّلُ قَدْرًا مِنَ التَّفْسِيرِ بِالرَّأْيِ وَبِمَا لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ. إِذَا تَقَرَّرَ لَكَ هَذَا عَرَفْتَ أَنَّ الْوَاجِبَ الرُّجُوعُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إِلَى مَعْنَى السَّكِينَةِ لُغَةً وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَلَا حَاجَةَ إِلَى رُكُوبِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُتَعَسِّفَةِ الْمُتَنَاقِضَةِ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَنْهَا سَعَةً، وَلَوْ ثَبَتَ لَنَا فِي السَّكِينَةِ تَفْسِيرٌ عَنِ النَّبِيِّ

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست