responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 288
أَرَادَ: تَطْلُبُونَ نِكَاحَهَا لِكَثْرَةِ مَالِهَا، وَلَنْ تُسَلِّمُوهَا لقلة مالها، والاستدراك بقوله: وَلكِنْ مِنْ مُقَدَّرٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ سَتَذْكُرُونَهُنَّ أَيْ: فَاذْكُرُوهُنَّ وَلكِنْ لَا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ مَعَ الْمُعْتَدَّةِ بِمَا هُوَ رَفَثٌ: مِنْ ذِكْرِ جِمَاعٍ، أَوْ تَحْرِيضٍ عَلَيْهِ، لَا يَجُوزُ. وَقَالَ أَيْضًا:
أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ الْمُوَاعَدَةِ فِي الْعِدَّةِ لِلْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهَا، وَلِلْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَلِلسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ. قَوْلُهُ:
إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً قِيلَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى: لَكِنْ، وَالْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ: هُوَ مَا أُبِيحَ مِنَ التعريض. ومنه صَاحِبُ الْكَشَّافِ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا وَقَالَ: هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: لَا تُواعِدُوهُنَّ أَيْ:
لَا تُوَاعِدُوهُنَّ مُوَاعِدَةً قَطُّ إِلَّا مُوَاعَدَةً مَعْرُوفَةً غَيْرَ مُنْكَرَةٍ، فَجَعَلَهُ عَلَى هَذَا اسْتِثْنَاءً مُفَرَّغًا، وَوَجْهُ مَنْعِ كَوْنِهِ مُنْقَطِعًا: أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى جَعْلِ التَّعْرِيضِ مَوْعُودًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ التَّعْرِيضَ طَرِيقُ الْمُوَاعِدَةِ، لَا أَنَّهُ الْمَوْعُودُ فِي نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَعْنَى الْعَزْمِ، يُقَالُ: عَزَمَ الشَّيْءَ، وَعَزَمَ عليه، والمعنى هنا: لا تعزموا على عقدة النِّكَاحِ ثُمَّ حَذَفَ عَلَى. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالْحَذْفُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَلَا تَعْقِدُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ، لِأَنَّ مَعْنَى تَعْزِمُوا وَتَعْقِدُوا وَاحِدٌ وَقِيلَ: إِنَّ الْعَزْمَ عَلَى الْفِعْلِ يَتَقَدَّمُهُ فَيَكُونُ فِي هَذَا النَّهْيِ مُبَالَغَةٌ، لِأَنَّهُ إِذَا نُهِيَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الشَّيْءِ، كَانَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِالْأَوْلَى. قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ يُرِيدُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، وَالْكِتَابُ هُنَا:
هُوَ الْحَدُّ، وَالْقَدْرُ الَّذِي رُسِمَ مِنَ الْمُدَّةِ، سَمَّاهُ: كِتَابًا، لِكَوْنِهِ مَحْدُودًا، وَمَفْرُوضًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً [1] وَهَذَا الْحُكْمُ أَعْنِي: تَحْرِيمَ عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ قَالَ: التَّعْرِيضُ أَنْ تَقُولَ: إِنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَإِنِّي لَأُحِبُّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَمْرِهَا وَأَمْرِهَا، وَإِنَّ مِنْ شَأْنِي النِّسَاءَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ يَسَّرَ لِيَ امْرَأَةً صَالِحَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَنَّهُ يَقُولُ لَهَا: إِنْ رَأَيْتِ أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ هَيَّأَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: يَقُولُ إِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي تَزَوَّجْتُكِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ أَكْنَنْتُمْ قَالَ: أَسْرَرْتُمْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الضَّحَّاكِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ قَالَ: بِالْخَطِيئَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ذِكْرُهُ إِيَّاهَا فِي نَفْسِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَلكِنْ لَا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
قَالَ: يَقُولُ لَهَا إِنِّي عَاشِقٌ، وَعَاهِدِينِي أَنْ لَا تَتَزَوَّجِي غَيْرِي، وَنَحْوَ هَذَا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنْ رَأَيْتِ أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي السِّرِّ: أَنَّهُ الزِّنَا، كَانَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ مِنْ أَجْلِ الزِّنَا وَهُوَ يُعَرِّضُ بِالنِّكَاحِ. وَأَخْرَجَ عبد الرزاق، وابن المنذر فِي قَوْلِهِ: إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً قَالَ: يَقُولُ إِنَّكِ لِجَمِيلَةٌ، وَإِنَّكِ إِلَيَّ خَيْرٌ، وَإِنَّ النِّسَاءَ مِنْ حَاجَتِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قوله: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ

[1] النساء: 103.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست