responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 283
والولد، فَاحْتَمَلَ أَنْ يُضَافَ الْوَارِثُ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرادا فِصالًا الضَّمِيرُ لِلْوَالِدَيْنِ.
وَالْفِصَالُ: الْفِطَامُ عَنِ الرَّضَاعِ، أَيِ: التَّفْرِيقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالثَّدْيِ، وَمِنْهُ سُمِّي الْفَصِيلُ لِأَنَّهُ مَفْصُولٌ عَنْ أُمِّهِ.
وَقَوْلُهُ: عَنْ تَراضٍ مِنْهُما أَيْ: صَادِرًا عَنْ تَرَاضٍ مِنَ الْأَبَوَيْنِ إِذَا كَانَ الْفِصَالُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِي ذَلِكَ الْفِصَالِ. سُبْحَانَهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ مُدَّةَ الرَّضَاعِ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَبَ وَحْدَهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْصِلَ الصَّبِيَّ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ، وَهُنَا اعْتَبَرَ سُبْحَانَهُ تَرَاضِيَ الْأَبَوَيْنِ وَتَشَاوُرَهُمَا، فَلَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ: لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمَا، أَوْ يُقَالَ: إِنَّ تِلْكَ الْإِرَادَةَ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْأَبَوَانِ لِلصَّبِيِّ حَيَّيْنِ بِأَنْ كَانَ الْمَوْجُودُ أَحَدَهُمَا، أَوْ كَانَتِ الْمُرْضِعَةُ لِلصَّبِيِّ ظِئْرًا غَيْرَ أُمِّهِ. وَالتَّشَاوُرُ: اسْتِخْرَاجُ الرَّأْيِ، يُقَالُ: شُرْتُ الْعَسَلَ: اسْتَخْرَجْتُهُ، وَشُرْتُ الدَّابَّةُ: أَجْرَيْتُهَا لِاسْتِخْرَاجِ جَرْيِهَا، فَلَا بُدَّ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ إِذَا أَرَادَ فِصَالَ الرَّضِيعِ أَنْ يُرَاضِيَ الْآخَرَ، وَيُشَاوِرَهُ، حَتَّى يَحْصُلَ الِاتِّفَاقُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ قَالَ الزَّجَّاجُ: التَّقْدِيرُ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا لِأَوْلَادِكُمْ غَيْرَ الْوَالِدَةِ. وَعَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ حَذَفَ اللَّامَ لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ، وَالْمَعْنَى: أَنْ تَسْتَرْضِعُوا الْمَرَاضِعَ أَوْلَادَكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَدِّ، أَيْ: أَعْطَيْتُمْ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ إِلَّا ابْنَ كَثِيرٍ، فَإِنَّهُ قَرَأَ بِالْقَصْرِ، أَيْ: فَعَلْتُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
وَمَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ فَإِنَّمَا ... تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ
وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أولادكم غير أمهاتهم إِذَا سَلَّمْتُمْ إِلَى الْأُمَّهَاتِ أَجْرَهُنَّ بِحِسَابِ مَا قَدْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ إِلَى وَقْتِ إِرَادَةِ الِاسْتِرْضَاعِ، قَالَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ. وَقَالَ قَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ: إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ مِنْ إِرَادَةِ الِاسْتِرْضَاعِ، أَيْ: سَلَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَبَوَيْنِ، وَرَضِيَ، وَكَانَ ذَلِكَ عَنِ اتِّفَاقٍ مِنْهُمَا، وَقَصْدِ خَيْرٍ، وَإِرَادَةِ مَعْرُوفٍ مِنَ الْأَمْرِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُهُ: سَلَّمْتُمْ عَامًّا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ تَغْلِيبًا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْخِطَابُ لِلرِّجَالِ فَقَطْ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: إِذَا سَلَّمْتُمْ لِمَنْ أَرَدْتُمُ اسْتِرْضَاعَهَا أَجْرَهَا، فَيَكُونُ الْمَعْنَى إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا أَرَدْتُمْ إِيتَاءَهُ، أَيْ: إِعْطَاءَهُ إِلَى الْمُرْضِعَاتِ بِالْمَعْرُوفِ: أَيْ: بِمَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ مِنْ أَجْرِ الْمُرْضِعَاتِ، مِنْ دُونِ مُمَاطَلَةٍ لَهُنَّ، أَوْ حَطِّ بَعْضِ مَا هُوَ لَهُنَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ عَدَمَ تَوْفِيرِ أَجْرِهِنَّ يَبْعَثُهُنَّ عَلَى التَّسَاهُلِ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ وَالتَّفْرِيطِ فِي شَأْنِهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ
قَالَ: الْمُطَلَّقَاتُ.
حَوْلَيْنِ قَالَ: سَنَتَيْنِ. لَا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها يَقُولُ: لَا تأبى أن ترضعه لِتَشُقَّ عَلَى أَبِيهِ. وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ يقول: ولا يضارّ الولد بولده، فيمنع أمه أن ترضعه ليحزنها لذلك. وَعَلَى الْوارِثِ قَالَ: يَعْنِي: الْوَلِيَّ مَنْ كَانَ. مِثْلُ ذلِكَ قَالَ: النَّفَقَةُ بِالْمَعْرُوفِ، وَكَفَالَتُهُ، وَرِضَاعُهُ، إِنْ لَمْ يَكُنْ

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 283
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست