responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 162
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْهُ قَالَ: مَا ابْتُلِيَ أَحَدٌ بِهَذَا الدِّينِ فَقَامَ بِهِ كُلِّهِ إِلَّا إِبْرَاهِيمُ. وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا الْكَلِمَاتُ؟ قَالَ: سِهَامُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثُونَ سَهْمًا: عَشْرَةٌ فِي بَرَاءَةٌ التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ [1] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَعَشْرَةٌ فِي أَوَّلِ سُورَةِ قَدْ أَفْلَحَ [2] وسَأَلَ سائِلٌ [3] وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [4] لآيات، وَعَشْرَةٌ فِي الْأَحْزَابِ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ [5] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَأَتَمَّهُنَّ كُلَّهُنَّ، فَكَتَبَ لَهُ بَرَاءَةً، قَالَ تَعَالَى:
وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى [6] وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ عَنْهُ، قَالَ: مِنْهُنَّ مَنَاسِكُ الْحَجِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ: الْكَلِمَاتُ: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ [7] وَالْآيَاتُ فِي شَأْنِ الْمَنَاسِكِ، وَالْمَقَامِ الَّذِي جُعِلَ لِإِبْرَاهِيمَ، وَالرِّزْقِ الَّذِي رُزِقَ سَاكِنُو الْبَيْتِ، وَبَعْثِ مُحَمَّدٍ فِي ذُرِّيَّتِهِمَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ قَالَ: ابْتُلِيَ بِالْآيَاتِ الَّتِي بَعْدَهَا. وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْكَلِمَاتُ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهِنَّ إِبْرَاهِيمُ فَأَتَمَّهُنَّ: فِرَاقُ قَوْمِهِ فِي اللَّهِ حِينَ أُمِرَ بمفارقتهم، ومحاجّته نمرود فِي اللَّهِ حِينَ وَقَفَهُ عَلَى مَا وَقَفَهُ عَلَيْهِ مِنْ خَطَرِ الْأَمْرِ الَّذِي فِيهِ خِلَافُهُمْ، وَصَبْرُهُ عَلَى قَذْفِهِمْ إِيَّاهُ فِي النَّارِ لِيَحْرِقُوهُ فِي اللَّهِ، وَالْهِجْرَةُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَطَنِهِ وَبِلَادِهِ حِينَ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ عَنْهُمْ، وَمَا أَمَرَهُ به من الضيافة والصبر عليهما، وَمَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنْ ذَبْحِ وَلَدِهِ، فَلَمَّا مَضَى عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قالَ اللَّهُ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [8] . وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
ابْتَلَاهُ بِالْكَوْكَبِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلَاهُ بِالْقَمَرِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلَاهُ بِالشَّمْسِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلَاهُ بِالْهِجْرَةِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلَاهُ بِالْخِتَانِ فَرَضِيَ عَنْهُ، وَابْتَلَاهُ بِابْنِهِ فَرَضِيَ عَنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ: فَأَدَّاهُنَّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ فِطْرَةِ إِبْرَاهِيمَ السِّوَاكُ» . قُلْتُ: وَهَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ إِسْنَادَهُ إِلَى عَطَاءٍ صَحِيحٌ فَهُوَ مُرْسَلٌ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَلَا يَحِلُّ الِاعْتِمَادُ عَلَى مِثْلِهِ فِي تفسيره كَلَامَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَهَكَذَا لَا يَحِلُّ الِاعْتِمَادُ عَلَى مِثْلِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
مِنْ فِطْرَةِ إِبْرَاهِيمَ غَسْلُ الذَّكَرِ وَالْبَرَاجِمِ. وَمِثْلِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْهُ قَالَ: سِتٌّ مِنْ فِطْرَةِ إِبْرَاهِيمَ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَالسِّوَاكُ، وَالْفَرْقُ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَالِاسْتِنْجَاءُ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، قَالَ: ثَلَاثَةٌ فِي الرَّأْسِ، وَثَلَاثَةٌ فِي الْجَسَدِ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَشْرُوعِيَّةُ تِلْكَ الْعَشْرِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا الْكَلِمَاتُ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ. وَأَحْسَنُ مَا رُوِيَ عَنْهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ أَوْ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ. قال:
وكان خَلِيلُ الرَّحْمَنِ إِبْرَاهِيمُ يَفْعَلُهُ. وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ فِعْلَ الْخَلِيلِ لَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ مِنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا جَاءَنَا مِنْ طَرِيقٍ تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ تَعْيِينُ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ لَمْ يَبْقَ لَنَا إلا أن نقول: إنها ما ذكره اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بَيَانًا لِلْكَلِمَاتِ، أَوِ السُّكُوتُ وَإِحَالَةُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابن عباس ونحوه من الصحابة من بَعْدَهُمْ فِي تَعْيِينِهَا، فَهُوَ أَوَّلًا أَقْوَالُ صَحَابَةٍ لا تقوم بِهَا الْحُجَّةُ فَضْلًا عَنْ أَقْوَالِ مَنْ بَعْدِهِمْ،

[1] التوبة: 112.
[2] المؤمنون: 1.
[3] المعارج: 1.
[4] المعارج: 26.
[5] الأحزاب: 35.
[6] النجم: 37. [.....]
[7] البقرة: 127.
[8] البقرة: 131.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست