responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 124
الدَّعْوَى حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَعَدَمُ إِخْلَافِ الْعَهْدِ: أَيْ إِنِ اتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: وَ «أَمْ» إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُعَادِلَةً بِمَعْنَى أَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَائِنٌ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيرِ، لِأَنَّ الْعِلْمَ وَاقِعٌ بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُنْقَطِعَةً. انْتَهَى، وَهَذَا تَوْبِيخٌ لَهُمْ شَدِيدٌ.
قَالَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: الْعَهْدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَجْرِي مَجْرَى الْوَعْدِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ خَبَرُهُ سُبْحَانَهُ عَهْدًا لِأَنَّ خَبَرَهُ أَوْكَدُ مِنَ الْعُهُودِ الْمُؤَكَّدَةِ. وَقَوْلُهُ: بَلى إِثْبَاتٌ بَعْدَ النَّفْيِ: أَيْ بَلَى تَمَسُّكُمْ لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُمْ مِنْ كَوْنِهِ أَيَّامًا مَعْدُودَةً. وَالسَّيِّئَةُ: الْمُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ هُنَا، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ثُمَّ أَوْضَحَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مُجَرَّدَ كَسْبِ السَّيِّئَةِ لَا يُوجِبُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ، بَلْ لَا بُدَّ أن تكون سيئته مُحِيطَةً بِهِ قِيلَ هِيَ الشِّرْكُ وَقِيلَ الْكَبِيرَةُ. وَتَفْسِيرُهَا بِالشِّرْكِ أَوْلَى لِمَا ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ تَوَاتُرًا مِنْ خُرُوجِ عُصَاةِ الْمُوَحِّدِينَ مِنَ النَّارِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ كَوْنُهَا نَازِلَةً فِي الْيَهُودِ وَإِنْ كَانَ الِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ.
وقد قرأ نافع (خطيئاته) بِالْجَمْعِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْإِفْرَادِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْخُلُودِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ قَالَ:
لَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ قَالَ: وَهُمْ يَجْحَدُونَ نُبُوَّتَكَ بِالظَّنِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ:
الْأُمِّيُّونَ قَوْمٌ لَمْ يُصَدِّقُوا رَسُولًا أَرْسَلَهُ اللَّهُ، وَلَا كِتَابًا أَنْزَلَهُ اللَّهُ فَكَتَبُوا كِتَابًا بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ قَالُوا لِقَوْمٍ سَفَلَةٍ جُهَّالٍ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ بِأَيْدِيهِمْ، ثُمَّ سَمَّاهُمْ أُمِّيِّينَ لِجُحُودِهِمْ كُتُبَ اللَّهِ وَرُسُلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ النَّخَعِيِّ قَالَ: مِنْهُمْ مَنْ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَكْتُبَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا أَمانِيَّ قَالَ: الْأَحَادِيثُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَنَّهَا الكذب. وكذا روى مثله عبد ابن حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَزَادَ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ قَالَ: إِلَّا يَكْذِبُونَ. وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيْلٌ:
وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ» وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا قَالَ: «الْوَيْلُ: جَبَلٌ فِي النَّارِ» وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مَرْفُوعًا أَنَّهُ حَجَرٌ فِي النَّارِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ قَالَ: هُمْ أَحْبَارُ الْيَهُودِ، وَجَدُوا صِفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْتُوبَةً فِي التَّوْرَاةِ أَكْحَلَ أَعْيَنَ رَبْعَةً جَعْدَ الشَّعَرِ حَسَنَ الْوَجْهِ، فَلَمَّا وَجَدُوهُ فِي التَّوْرَاةِ مَحَوْهُ حَسَدًا وَبَغْيًا، فَأَتَاهُمْ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ نَبِيًّا أُمِّيًّا؟ فَقَالُوا: نَعَمْ نَجِدُهُ طَوِيلًا أَزْرَقَ سِبْطَ الشَّعَرِ، فَأَنْكَرَتْ قُرَيْشٌ وَقَالُوا: لَيْسَ هَذَا مِنَّا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ثَمَناً قَلِيلًا قَالَ: عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا فَوَيْلٌ لَهُمْ قَالَ: فَالْعَذَابُ عَلَيْهِمْ مِنَ الَّذِي كَتَبُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْكَذِبِ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ يقول: مما يأكلون به، النَّاسِ السَّفَلَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ آثَارًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَرِهُوا بَيْعَ الْمَصَاحِفِ مُسْتَدِلِّينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ آثَارًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَكْرَهُوهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست