responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صفوة التفاسير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 48
واستعينوا} أي اطلبوا المعونة على أموركم كلها {بالصبر والصلاة} أي بتحمل ما يشق على النفس من تكاليف شرعية، وبالصلاة التي هي عماد الدين {وَإِنَّهَا} أي الصلاة {لَكَبِيرَةٌ} أي شاقة وثقيلة {إِلاَّ عَلَى الخاشعين} أي المتواضعين المستكينين الذين صفت نفوسهم لله {الذين يَظُنُّونَ} أي يعتقدون اعتقاداً جازماً لا يخالجه شك {أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ} أي سيلقون ربهم يوم البعث فيحاسبهم على أعمالهم {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أي معادهم إِليه يوم الدين. ثم ذكّرهم تعالى بنعمه وآلائه العديدة مرة أخرى فقال {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذكروا نِعْمَتِي التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} بالشكر عليها بطاعتي {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} أي فضلت آباءكم {عَلَى العالمين} أي عالمي زمانهم بإِرسال الرسل، وإِنزال الكتب، وجعلهم سادة وملوكاً، وتفضيل الآباء شرفٌ للأبناء {واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً} أي خافوا ذلك اليوم الرهيب الذي لا تقضي فيه نفسٌ عن أخرى شيئاً من الحقوق {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} أي لا تقبل شفاعة في نفس كافرة بالله أبداً {وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} أي لا يقبل منها فداء {وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ} أي ليس لهم من يمنعهم وينجيهم من عذاب الله.
ثانياً: أتى بالمضارع {أَتَأْمُرُونَ} وإِن كان قد وقع ذلك منهم لأن صيغة المضارع تفيد التجدد والحدوث، وعبّر عن ترك فعلهم بالنسيان {وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} مبالغة في الترك فكأنه لا يجري لهم على بال، وعلقه بالأنفس توكيداً للمبالغة في الغفلة المفرطة، ولا يخفى ما في الجملة الحالية {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكتاب} من التبكيت والتقريع والتوبيخ.
ثالثاً: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين} هو من باب عطف الخاص على العام لبيان الكمال، لأن النعمة اندرج تحتها التفضيل المذكور، فلما قال {اذكروا نِعْمَتِيَ} [البقرة: 40] عمَّ جميع النعم فلما عطف {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} كان من باب عطف الخاص على العام.
رابعاً: {واتقوا يَوْماً} التنكير للتهويل أي يوماً شديد الهول، وتنكير النفس {نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ} ليفيد العموم والإقناط الكلي.
الفوَائِدَ: الفائدة الأولى: قال القرطبي: إِنما خص الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات تنويهاً بذكرها وقد كان عليه السلام إِذ حزبه (أغمّه) أمرٌ فَزَع إلى الصلاة، وكان يقول: «أرحنا بها يا بلال»
الثانية: قال علي كرم الله وجهه: «قصم ظهري رجلان: عالم متهتك، وجاهل متنسك» ومن دعا غيره إِلى الهدى ولم يعمل به كان كالسراج يضيء للناس ويحرق نفسه قال الشاعر:
ابدأُ بنفسك فانهها عن غيّها ... فإِذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل إِن وعظتَ ويقتدى ... بالرأي منك وينفع التعليم
وقال أبو العتاهية:
وصفتَ التُّقَى حتَّى كأَنَّك ذو تُقَى ... وريحُ الخطايا من ثيابك تَسْطَع

اسم الکتاب : صفوة التفاسير المؤلف : الصابوني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست