اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 65
موسى فخذوه، وإلا كان شيئاً لم تأكلوه، ففعلوا. قال السدي: وكان جبريل قد أتى إلى موسى ليذهب به إلى ربه، فرآه السامريّ، فأنكره وقال: إن لهذا شأناً، فأخذ قبضة من أثر حافر الفرس، فقذفها في الحفيرة، فظهر العجل. وقيل: إِن السامريّ أمرهم بالقاء ذلك الحليّ، وقال: إنما طالت غيبة موسى عنكم لأجل ما معكم من الحلي، فاحفروا لها حفيرة وقربوه إلى الله، يبعث لكم نبيكم، فإنه كان عارية، ذكره أبو سليمان الدمشقي. وفي سبب اتخاذ السامري عجلاً قولان: أحدهما: أن السامري كان من قوم يعبدون البقر، فكان ذلك في قلبه، قاله ابن عباس. والثاني: أن بني إسرائيل لما مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم، أعجبهم ذلك، فلما سألوا موسى أن يجعل لهم إلهاً وأنكر عليهم، أخرج السامريّ لهم في غيبته عجلاً لما رأى من استحسانهم ذلك، قاله ابن زيد. وفي كيفية اتخاذ العجل قولان: أحدهما: أن السامري كان صوّاغاً فصاغه وألقى فيه القبضة، قاله علي وابن عباس. والثاني:
أنهم حفروا حفيرة، وألقوا فيها حلي قوم فرعون وعواريهم تنزهاً عنها، فألقى السامريّ القبضة من التراب فصار عجلاً. روي عن ابن عباس أيضاً. قال ابن عباس: صار لحماً ودماً وجسداً، فقال لهم السامري: هذا إلهكم وإله موسى قد جاء، وأخطأ موسى الطريق، فعبدوه وزفنوا حوله [1] .
[سورة البقرة [2] : آية 53]
وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)
قوله تعالى: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ، الكتاب: التوراة. وفي الفرقان خمسة أقوال:
أحدها: أنه النصر، قاله ابن عباس وابن زيد. والثاني: أنه ما في التوراة من الفرق بين الحق والباطل، فيكون الفرقان نعتاً للتوراة، قاله أبو العالية. والثالث: أنه الكتاب، فكرره بغير اللفظ. قال عدي بن زيد:
فألفى قولها كذباً ومينا [2] وقال عنترة:
أقوى وأقفر بعد أم الهيثم [3] هذا قول مجاهد، واختيار الفرّاء والزّجّاج. والرابع: أنه فرق البحر لهم، ذكره الفراء والزجاج وابن القاسم. والخامس: أنه القرآن. ومعنى الكلام: لقد آتينا موسى الكتاب، ومحمداً الفرقان، ذكره الفرّاء، وهو قول قطرب.
[سورة البقرة [2] : آية 54]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)
قوله تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ. القوم: اسم للرجال والنساء، [1] الزّفن: الرّقص، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها: «قدم وفد الحبشة فجعلوا يزفنون ويلعبون» أي يرقصون. [2] هو عجز بيت وصدره: فقددت الأديم لراهشيه. والقدّ: القطع. والراهشان: عرقان في باطن الذراع. والمين:
الكذب. وانظر «اللسان» مادة- مين-. [.....] [3] هو عجز بيت وصدره: حيّيت من طلل تقادم عهده. انظر «تفسير القرطبي» 1/ 440.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 65