responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 474
قوله تعالى: وَلَأُضِلَّنَّهُمْ قال ابن عباس: عن سبيل الهدى، وقال غيره: ليس له من الضلال سوى الدّعاء إليه. وفي قوله تعالى: وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ أربعة أقوال: أحدها: أنه الكذب الذي يخبرهم به، قال ابن عباس: يقول لهم: لا جنة، ولا نار، ولا بعث. والثاني: أنه التسويف بالتوبة، روي عن ابن عباس. والثالث: أنه إيهامُهم أنهم سينالون من الآخرة حظاً، قاله الزجاج. والرابع: أنه تزيين الأماني لهم، قاله أبو سليمان.
قوله تعالى: فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ قال قتادة، وعكرمة، والسدي: هو شق أذن البَحيرة، قال الزجاج: ومعنى «يبتكن» يُشقّقن، يقال: بتكت الشيء أبتكه بتكاً: إِذا قطعته، وَبتَكه وبَتَك، مثل قطعه وقطع. وهذا في البحيرة كانت الجاهلية إِذا ولدت الناقة خمسة أبطن، وكان الخامس ذكراً، شقّوا أذن الناقة، وامتنعوا من الانتفاع بها، ولم تُطردْ عن ماءٍ، ولا مرعى، وإِذا لقيها المعيي، لم يركبها.
سوّل لهم إِبليس أن هذا قربةٌ إِلى الله تعالى.
وفي المراد بتغيير خلق الله خمسة أقوال [1] : أحدها: أنه تغيير دين الله، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الحسن في رواية، وسعيد بن المسيّب وابن جبير والنخعي والضحاك والسدي وابن زيد ومقاتل. وقيل: معنى تغيير الدّين: تحليل الحرام وتحريم الحلال. والثاني: أنه تغيير الخلق بالخصاء، رواه عكرمة عن ابن عباس، وهو مرويٌ عن أنس بن مالك، وعن مجاهد وقتادة وعكرمة، كالقولين. والثالث: أنه التغيير بالوشم، وهو قول ابن مسعود، والحسن في رواية. والرابع: أنه تغيير أمر الله، رواه أبو شيبة عن عطاء. والخامس: أنه عبادة الشمس والقمر والحجارة، وتحريم ما حرّموا من الأنعام، وإِنما خلق ذلك للانتفاع به، قاله الزجاج.
قوله تعالى: وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ في المراد بالولي قولان: أحدهما: أنه بمعنى الرب، قاله مقاتل. والثاني: من الموالاة، قاله أبو سليمان الدمشقي.
فان قال قائل: من أين لإِبليس العلم بالعواقب حتى قال: ولأضلنّهم. وقال في سورة الأعراف وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ [2] . وقال في سورة بني إِسرائيل لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا [3] ، فعنه ثلاثة أجوبة. أحدها: أنه ظن ذلك، فتحقّق ظنه، وذلك قوله تعالى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ [4] قاله الحسن، وابن زيد. وفي سبب ذلك الظن قولان: أحدهما: أنه لما قال الله تعالى له:

[1] قال الإمام الطبري رحمه الله في «تفسيره» 4/ 285: وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك، قول من قال:
معناه وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال: دين الله، وذلك لدلالة الآية الأخرى على أن ذلك معناه، وهي قوله: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره 1/ 569: على قول من جعل ذلك أمرا أي لا تبدلوا فطرة الله ودعوا الناس على فطرتهم. كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه أو يمجسانه كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء هل تجدون بها من جدعاء» . وفي صحيح مسلم عن عياض بن حماد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قال الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرّمت عليهم ما أحللت لهم» .
[2] سورة الأعراف: 17.
[3] سورة الإسراء: 62. [.....]
[4] سورة سبأ: 20.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 474
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست