اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 369
قال ابن قتيبة: ومعنى قوله: وإن خفتم، أي: فإن علمتم أنكم لا تعدلون بين اليتامى. يقال:
أقسط الرجل: إذا عدل، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:
(257) المقسطون في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة.
ويقال قسط الرجل: إذا جار، ومنه قول الله أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً.
وفي معنى العدل في اليتامى قولان: أحدهما: في نكاح اليتامى. والثاني: في أموالهم.
قوله تعالى: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ أي: ما حل لكم. قال ابن جرير: وأراد بقوله تعالى: ما طاب لكم، الفعل دون أعيان النساء، ولذلك قال: «ما» ولم يقل: «من» واختلفوا: هل النكاح من اليتامى، أو من غيرهن؟ على قولين قد سبقا.
قوله تعالى: مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ. قال الزجاج: هو بدل من «ما طاب لكم» ومعناه: اثنتين اثنتين، وثلاثاً ثلاثاً، وأربعاً أربعاً. وإِنما خاطب الله العرب بأفصح اللغات، وليس من شأن البليغ أن يعبّر في العدد عن التسعة باثنتين، وثلاث، وأربع، لأن التسعة قد وضعت لهذا العدد، فيكون عِيَّاً في الكلام.
وقال ابن الأنباري: هذه الواو معناها التفرّق، وليست جامعة، فالمعنى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى، وانكحوا ثُلاث في غير الحال الأولى، وانكحوا رُباع في غير الحالين. وقال القاضي أبو يعلى:
الواو هاهنا لإِباحة أيِّ الأعداد شاء، لا للجمع، وهذا العدد إنما هو للأحرار، لا للعبيد، وهو قول أبي حنيفة والشافعي. وقال مالك: هم كالأحرار. ويدل على قولنا: أنه قال: فانكحوا، فهذا منصرف إلى مَن يملك النكاح، والعبد لا يملك ذلك بنفسه، وقال في سياقها فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ، والعبد لا ملك له، فلا يباح له الجمع إِلا بين اثنتين.
قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فيه قولان: أحدهما: علمتم. والثاني: خشيتم.
قوله تعالى: أَلَّا تَعْدِلُوا قال القاضي أبو يعلى: أراد العدل في القسم بينهن.
قوله تعالى: فَواحِدَةً أي: فانكحوا واحدة، وقرأ الحسن، والأعمش، وحميد: «فواحدةٌ» بالرفع، المعنى، فواحدة تقنع.
قوله تعالى: أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعني: السراري. قال ابن قتيبة: معنى الآية: فكما تخافون أن لا تعدلوا بين اليتامى إذا كفلتموهم، فخافوا أيضا أن لا تعدلوا بين النساء إذا نكحتموهن، فَقَصَرَهم على أربع، ليقدروا على العدل، ثم قال: فإن خفتم أن لا تعدلوا بين هؤلاء الأربع، فانكحوا واحدة، واقتصروا على ملك اليمين.
قوله تعالى: ذلِكَ أَدْنى أي: أقرب. وفي معنى تَعُولُوا ثلاثة أقوال: أحدها: تميلوا، قاله ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وعطاء، وإبراهيم، وقتادة، والسدي، ومقاتل، والفراء. وقال
صحيح. أخرجه مسلم 1827 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 369