اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 323
أكبادهم بالحزن والغيظ، وشدة العداوة، ومنه يقال: فلان قد أحرق الحزن كبده، وأحرقت العداوة كبده، والعرب تقول: العدو: أسود الكبد، قال الأعشى:
فما أُجْشِمْتُ من إِتيان قوم ... هم الأعداء والأكباد سود
كأن الأكباد لما احترقت بشدة العداوة، اسودت، ومنه يقال للعدو: كاشح، لأنه يخبأ العداوة في كشحه. والكشح: الخاصرة، وإنما يريدون الكبد. لأن الكبد هناك. قال الشاعر:
وأُضمِر أضغاناً عليَّ كشوحُها «1»
والتاء والدال متقاربتا المخرج، والعرب تدغم إحداهما في الأخرى، وتبدل إحداهما من الأخرى، كقولهم: هرت الثوب وهرده: إذا خرقه، وكذلك: كبت العدو، وكبده، ومثله كثير.
قوله تعالى: فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ قال الزجاج: الخائب: الذي لم ينل ما أمَّل. وقال غيره: الفرق بين الخيبة واليأس، أن الخيبة لا تكون إلا بعد الأمل، واليأس قد يكون من غير أمل.
[سورة آل عمران (3) : آية 128]
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (128)
قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ في سبب نزولها خمسة أقوال:
(208) أحدها: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كسرت رباعيته يوم أُحد، وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه، فقال: «كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم، وهو يدعوهم إلى ربّهم عزّ وجلّ؟!» فنزلت هذه الآية. أخرجه مسلم في أفراده من حديث أنس. وهو قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، والرّبيع.
(209) والثاني: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لعن قوماً من المنافقين، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عمر.
والثالث: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم همَّ بسب الذين انهزموا يوم أُحد، فنزلت هذه للآية، فكفَّ عن ذلك، نقل عن ابن مسعود، وابن عباس [2] .
حديث صحيح. أخرجه مسلم 1791 وأحمد 3/ 253 و 288 وابن حبان 6575 والواحدي في «أسباب النزول» 244 والبيهقي في «الدلائل» من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس.
وأخرجه الترمذي 3002 و 3003 وابن ماجة 4027 وأحمد 3/ 99 وابن حبان 6574 والواحدي 242 والبغوي 3642 والطبري 7805 و 7806 و 7807 من طريق حميد الطويل عن أنس.
ساقه المصنف بمعناه، وهو حديث صحيح. أخرجه البخاري 4069 و 4559 و 7346 والترمذي 3004 و 3005 وأحمد [2]/ 93 وأبو يعلى 5547 وابن خزيمة 622 وعبد الرزاق 4027 وابن حبان 1987 والنسائي في «التفسير» 95 و 96 والبيهقي [2]/ 178 من حديث ابن عمر «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يدعو على أربعة نفر فأنزل الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ فهداهم الله للإسلام. وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح يستغرب من هذا الوجه من حديث نافع عن ابن عمر اه. وأخرجه الطبري 7817 أيضا من هذا الوجه. وانظر «فتح القدير» للشوكاني 552 بتخريجنا.
(1) هو عجز بيت للنمر بن تولب، وصدره: تنفذ منهم نافذات تسؤنني. [2] لم أره مسندا، ولا يصح، والصواب ما رواه الإمام مسلم وكذا البخاري.
- وذكره الماوردي في «تفسيره» 1/ 423 (آل عمران: 128) . [.....]
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 323