اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 241
[سورة البقرة [2] : آية 267]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ، في سبب نزولها قولان:
(139) أحدهما: أن الأنصار كانوا إذا جذّوا النخل، جاء كل رجل بشيء من ذلك فعلقه في المسجد، فيأكل منه فقراء المهاجرين، وكان أناسٌ ممن لا يرغب في الخير يجيء أحدهم بالقنو [1] فيه الحشف والشيص، فيعلقه، فنزلت هذه الآية. هذا قول البراء بن عازب.
(140) والثاني: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر بزكاة الفطر، فجاء رجل بتمر رديء، فنزلت هذه الآية. هذا قول جابر بن عبد الله.
وفي المراد بهذه النفقة قولان: أحدهما: أنها الصدقة المفروضة، قاله عبيدة السلماني في آخرين.
والثاني: أنها التطوع. وفي المراد بالطيب هاهنا قولان: أحدهما: أنه الجيّد الأنفس، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه الحلال، قاله أبو معقل في آخرين. قوله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا، أي: لا تقصدوا. والتيمم في اللغة: القصد. قال ميمون بن قيس:
تَيمَمتُ قيساً وكم دونه ... من الأرض من مَهْمَهٍ ذي شزَن «2»
وفي الخبيث قولان: أحدهما: أنه الرديء، قاله الأكثرون، وسبب الآية يدل عليه. والثاني: أنه الحرام، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ، قال ابن عباس: لو كان بعضكم يطلب من بعض حقاً له، ثم قضاه ذلك، ولم يأخذه إِلى أن يرى أنه قد أغمض عن بعض حقه. وقال ابن قتيبة:
أصل هذا أن يصرف المرء بصره عن الشيء، ويغمضه، فسمي الترخص إغماضاً. ومنه قول الناس للبائع: أغمض، أي: لا تشخص، وكن كأنك لا تبصر. وقال غيره: لما كان الرجل إذا رأى ما يكره
جيد. أخرجه ابن ماجة 1822 والحاكم [2]/ 285 والطبري 6138 و 6139 والواحدي 172 من طريق أسباط عن السدي عن عدي بن ثابت به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وهو كما قالا: لكن في أسباط بن نضر ضعف ينحط حديثه عن درجة الصحيح ومثله السدي. وأخرجه الترمذي 2987 والبيهقي 4/ 136 من طريق السدي عن أبي مالك عن البراء به وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وله شاهد من حديث سهل بن حنيف، أخرجه الحاكم [2]/ 284 وإسناده حسن.
أخرجه الحاكم [2]/ 283 والواحدي في «الأسباب» 172 من حديث جابر، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وفيه قيس بن أنيف لم أجد له ترجمة. ويشهد لأصله ما تقدم دون تعيين ذلك بكونه في زكاة الفطر. وفي حديث سهل بن حنيف المتقدم «أمر بصدقة» ولعل المراد صدقة الفطر وبكل حال أصل الخبر محفوظ بشواهده. [1] القنو: العذق بما فيه من الرطب. والحشف من التمر: اليابس الفاسد. والشيص: رديء التمر ويقال للتمر الذي لا يشتد نواه ويقوى وقد لا يكون له نوى أصلا، هو الشيص. [2] المهمه: المفازة. الشّزن: شدة الإعياء من الحفا، والشدة والغلظة، والغلظ من الأرض اه قاموس. [.....]
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 241