اسم الکتاب : حمد الله ذاته الكريمه في آيات كتابه الحكيمة المؤلف : عماد بن زهير حافظ الجزء : 1 صفحة : 29
المبحث الثاني: في غاية حمد الله ذاته بالآية وصلته بما بعده
إنّ سورة الأنعام التي جاءت هذه الآية في فاتحتها تعدّ أصلاً عظيماً في محاجة المشركين وغيرهم من المكذبين والمبتدعين [1] ، وكانت هذه الآية هي بداية المحاجة لهم والردّ عليهم بما يبطل شركهم ويدحض ضلالهم.وافتتاحها بحمد الله ذاته الكريمة يعتبر أول سبل إقامة الحجة على المشركين الذين اتخذوا شركاء لله من أوثان وأصنام؛ ذلك أنّ هذه الجملة (الحمد لله) تفيد ـ كما بينت سابقاً ـ استحقاقه تعالى الحمد وحده واختصاصه به دون غيره، وبذلك فهي ردٌّ عليهم في حمدهم لأصنامهم وأوثانهم بما تخيّلوه من إسدائها إليهم نعماً ونصراً وتفريج كربات، وما اقتضاه ذلك من عبادتهم إياها؛ ولا ريب أنّ العبادة هي أقصى غايات الشكر الذي رأسه الحمد [2] . ولهذا قال ابن جرير الطبري [3] في هذا المقام: ((الحمد الكامل لله وحده لا شريك له دون جميع الأنداد والآلهة ودون ما سواه مما تعبده كفرة خلقه من الأوثان والأصنام. وهذا كلام مخرجه مخرج الخبر ينحى به نحو الأمر يقول: أخلصوا الحمد والشكر للذي خلقكم وخلق السموات والأرض ولا [1] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص 383. [2] انظر: تفسير أبي السعود ج3 ص 104؛ فتح القدير للشوكاني ج2 ص 102؛ محاسن التأويل للقاسمي ج6 ص 455؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج7 ص 125 –126. [3] هو محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر (224-310هـ) : المؤرخ المفسر الإمام، ولد في آمل طبرستان واستوطن بغداد وتوفي بها، عرض عليه القضاء فامتنع والمظالم فأبى، من أشهر مؤلفاته: أخبار الرسل والملوك (تاريخ الطبري) – جامع البيان في تفسير القرآن – اختلاف الفقهاء (انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي ج2 ص351؛ البداية والنهاية ج11 ص156-158؛ لسان الميزان لابن حجر ج5 ص 100-103؛ سير أعلام النبلاء للذهبي ج14 ص267-282؛ الأعلام للزركلي ج6 ص69) .
اسم الکتاب : حمد الله ذاته الكريمه في آيات كتابه الحكيمة المؤلف : عماد بن زهير حافظ الجزء : 1 صفحة : 29