{رَّسُولاً} ذكرا مَعَ الرَّسُول {يَتْلُو عَلَيْكُمْ} مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {آيَاتِ الله} الْقُرْآن {مُبَيِّنَاتٍ} واضحات بَيِّنَات بِالْأَمر وَالنَّهْي {لِّيُخْرِجَ الَّذين آمَنُواْ} قد أخرج الَّذين آمنُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن {وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات} الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم {مِنَ الظُّلُمَات إِلَى النُّور} من الْكفْر إِلَى الْإِيمَان {وَمن يُؤمن بِاللَّه} وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن {وَيَعْمَلْ صَالِحاً} خَالِصا فِيمَا بَينه وَبَين ربه {يُدْخِلْهُ} فِي الْآخِرَة {جَنَّاتٍ} بساتين {تَجْرِي مِن تَحْتِهَا} من تَحت شَجَرهَا وغرفها {الْأَنْهَار} أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن {خَالِدين فِيهَا} مقيمين فِي الْجنَّة لَا يموتون فِيهَا وَلَا يخرجُون مِنْهَا {أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ الله لَهُ رِزْقاً} قد أعد الله لَهُ ثَوابًا فِي الْجنَّة
{الله الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} بَعْضهَا فَوق بعض مثل الْقبَّة {وَمِنَ الأَرْض مِثْلَهُنَّ} سبعا وَلكنهَا منبسطة {يَتَنَزَّلُ الْأَمر بَيْنَهُنَّ} يَقُول تتنزل الْمَلَائِكَة بِالْوَحْي والتنزيل والمصيبة من السَّمَوَات من عِنْد الله {لِتَعْلَمُوا} لكَي تعلمُوا وتقروا {أَنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ} من أهل السَّمَوَات وَالْأَرضين {قَدِيرٌ وَأَنَّ الله قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمَاً} أَي قد أحَاط علمه بِكُل شىء
{أَعَدَّ الله لَهُمْ} فِي الْآخِرَة {عَذَاباً شَدِيداً} غليظاً لوناً بعد لون {فَاتَّقُوا الله} فاخشوا الله {يَا أولي الْأَلْبَاب} يَا ذَوي الْعُقُول من النَّاس {الَّذين آمنُوا} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن {قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً}
{قَدْ جَعَلَ الله لِكُلِّ شَيْءٍ} من الشدَّة والرخاء {قَدْراً} أَََجَلًا يَنْتَهِي
فَلَمَّا بَين الله عدَّة النِّسَاء اللَّاتِي يحضن قَامَ معَاذ فَقَالَ أَرَأَيْت يَا رَسُول الله مَا عدَّة النِّسَاء اللَّاتِي يئسن من الْمَحِيض فَنزل {واللائي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيض} من الْكبر {مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم} شَكَكْتُمْ فِي عدتهن {فَعِدَّتُهُنَّ} فِي الطَّلَاق {ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ} فَقَامَ رجل آخر فَقَالَ أَرَأَيْت يَا رَسُول الله فِي اللائي لم يحضن للصغر مَا عدتهن فَنزل {واللائي لَمْ يَحِضْنَ} من الصغر فعدتهن أَيْضا ثَلَاثَة أشهر فَقَامَ رجل آخر فَقَالَ أَرَأَيْت يَا رَسُول الله مَا عدَّة الْحَوَامِل فَنزل {وَأُوْلاَتُ الْأَحْمَال} يَعْنِي الحبالى {أَجَلُهُنَّ} عدتهن {أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ولدهن {وَمَن يَتَّقِ الله} فِيمَا أمره {يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} يهون عَلَيْهِ أمره وَيُقَال يرزقه عبَادَة حَسَنَة فِي سريرة حَسَنَة
{لِيُنفِقْ} الْأَب {ذُو سَعَةٍ} ذُو غنى {مِّن سَعَتِهِ} على قدر غناهُ {وَمَن قُدِرَ} قتر {عَلَيْهِ رِزْقُهُ} معيشته {فَلْيُنفِقْ} على الْمُرْضع {مِمَّآ آتَاهُ الله} على قدر مَا أعطَاهُ الله من المَال {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً} من النَّفَقَة على الرَّضَاع {إِلاَّ مَآ آتَاهَا} إِلَّا على قدر مَا أعطَاهُ من المَال {سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ} فِي النَّفَقَة {يُسْراً} بعد الْفقر غنى فالمعسر ينْتَظر الرزق من الله
اسم الکتاب : تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المؤلف : الفيروز آبادي، مجد الدين الجزء : 1 صفحة : 476