{رَبَّنَا} قُولُوا يَا رَبنَا {لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً} بلية {لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} كفار مَكَّة يَقُولُونَ لَا تسلطهم علينا فيظنوا أَنهم على الْحق وَنحن على الْبَاطِل فتزيدهم بذلك جَرَاءَة علينا {واغفر لَنَا} ذنوبنا {رَبَّنَآ} يَا رَبنَا {إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيز} بالنقمة لمن لَا يُؤمن بك {الْحَكِيم} بالنصرة لمن آمن بك
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ} لقد كَانَ لَك يَا حَاطِب {فِيهِمْ} فِي قَول إِبْرَاهِيم وَفِي قَول الَّذين مَعَه من الْمُؤمنِينَ {أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} اقْتِدَاء صَالح {لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله} يخَاف الله {وَالْيَوْم الآخر} بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت فَهَلا قلت يَا حَاطِب مثل مَا قَالَ إِبْرَاهِيم وَمن آمن بِهِ {وَمَن يَتَوَلَّ} يعرض عَمَّا أمره الله {فَإِنَّ الله هُوَ الْغَنِيّ} عَنهُ وَعَن خلقه {الحميد} لمن وَحده وَيُقَال الحميد يشْكر الْيَسِير من أَعْمَالهم وَيجْزِي الجزيل من ثَوَابه
{عَسَى الله} عَسى من الله وَاجِب {أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذين عَادَيْتُم} خالفتم فِي الدّين {مِّنْهُم} من أهل مَكَّة {مَّوَدَّةً} صلَة وتزويجا فَتزَوج النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام فتح مَكَّة أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان فَهَذَا كَانَ صلَة بَينهم وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالله قَدِيرٌ} بِظُهُور نبيه على كفار قُرَيْش {وَالله غَفُورٌ} متجاوز لمن تَابَ مِنْهُم من الْكفْر وآمن بِاللَّه {رَّحِيمٌ} لمن مَاتَ مِنْهُم على الْإِيمَان وَالتَّوْبَة
{لاَّ يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذين} عَن صلَة ونصرة الَّذين {لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ} مَكَّة وَلم يعينوا أحدا على إخراجكم من مَكَّة {أَن تَبَرُّوهُمْ} أَن تصلوهم وتنصروهم {وتقسطوا إِلَيْهِمْ} تعدلوا بَينهم بوفاء الْعَهْد {إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين} العادلين بوفاء الْعَهْد وهم خُزَاعَة قوم هِلَال ابْن عُوَيْمِر وَخُزَيْمَة وَبَنُو مُدْلِج صَالحُوا النَّبِي قبل عَام الْحُدَيْبِيَة على أَلا يقاتلوه وَلَا يخرجوه من مَكَّة وَلَا يعينوا أحدا على إِخْرَاجه فَلذَلِك لم ينْه الله عَن صلتهم
{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذين} عَن صلَة الَّذين {قَاتَلُوكُمْ فِي الدّين} وهم أهل مَكَّة {وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ} من مَكَّة {وَظَاهَرُواْ} عاونوا {على إِخْرَاجِكُمْ} من مَكَّة {أَن تَوَلَّوْهُمْ} أَن تصلوهم {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ} فِي العون والنصرة {فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} الضارون لأَنْفُسِهِمْ