{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات} من الْخلق {وَمَا فِي الأَرْض} من الْخلق كلهم عبيد الله {ليجزي الَّذين أساؤوا} أشركوا {بِمَا عَمِلُواْ} فِي شركهم {وَيِجْزِيَ الَّذين أَحْسَنُواْ} وحدوا {بِالْحُسْنَى} بِالتَّوْحِيدِ الْجنَّة
ثمَّ بَين عَمَلهم فِي الدُّنْيَا فَقَالَ {الَّذين يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْم} يَعْنِي الشّرك بِاللَّه والعظائم من الذُّنُوب {وَالْفَوَاحِش} الزِّنَا والمعاصي {إِلاَّ اللمم} إِلَّا النّظر والغمزة واللمزة يلوم بهَا نَفسه وَيَتُوب عَنْهَا وَيُقَال إِلَّا التَّزْوِيج {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَة} لمن تَابَ من الْكَبَائِر والصغائر {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ} مِنْكُم من أَنفسكُم {إِذْ أَنشَأَكُمْ} خَلقكُم {مِّنَ الأَرْض} من آدم وآدَم من تُرَاب وَالتُّرَاب من الأَرْض {وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ} صغَار {فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} قد علم الله فِي هَذِه الْأَحْوَال مَا يكون مِنْكُم {فَلاَ تزكوا أَنفُسَكُمْ} فَلَا تبرئوا أَنفسكُم من الذُّنُوب {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى} من الْمعْصِيَة وَأصْلح
{وَأعْطى قَلِيلاً} يَسِيرا فِي الله {وأكدى} قطع نَفَقَته وصدقته فِي سَبِيل الله
{أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْب} اللَّوْح الْمَحْفُوظ {فَهُوَ يرى} صَنِيعه فِيهِ إِنَّه كَمَا صنع نزلت هَذِه الْآيَة فِي عُثْمَان بن عَفَّان وَكَانَ كثير النَّفَقَة وَالصَّدَََقَة على أَصْحَاب النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ عبد الله بن سعد بن أبي سرح فَقَالَ لَهُ أَرَاك تنْفق على هَؤُلَاءِ مَالا كثيرا فَأَخَاف أَن تبقى بِلَا شَيْء فَقَالَ لَهُ عُثْمَان لي خَطَايَا وذنوب كَثِيرَة أُرِيد تكفيرها ورضا الرب فَقَالَ لَهُ عبد الله أَعْطِنِي زِمَام نَاقَتك وأحمل عَنْك مَا يكون عَلَيْك من الذُّنُوب والخطايا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَأعْطَاهُ زِمَام نَاقَته وَاقْتصر عَن نَفَقَته وصدقته فَنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة