responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 96
(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) الْمُرَادُ بِالْبَحْرِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمُسْتَبْحِرُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ السَّمَكُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الْمَائِيَّةِ الَّتِي تُصَادُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَنْهَارُ وَالْآبَارُ وَالْبِرَكُ وَنَحْوُهَا، وَصَيْدُ الْبَحْرِ مَا يُصَادُ مِنْهُ مِمَّا يَعِيشُ فِيهِ عَادَةً وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَعِيشَ خَارِجَهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا كَالسَّرَطَانِ وَالسُّلَحْفَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَا يَعِيشُ إِلَّا فِيهِ، وَطَيْرُ الْمَاءِ لَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ
الْمَائِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُلَازِمُ الْمَاءَ لِصَيْدِ طَعَامِهِ مِنْهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بَعْدَ بَيَانِ مَعْنَى الْبَحْرِ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ: وَمَنْ خُوطِبَ بِإِحْلَالِ صَيْدِ الْبَحْرِ وَطَعَامِهِ عَقَلَ أَنَّهُ إِنَّمَا أَحَلَّ لَهُ مَا يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ أَحَلَّ كُلَّ مَا يَعِيشُ فِي مَائِهِ لِأَنَّ صَيْدَهُ، وَطَعَامَهُ عِنْدَنَا مَا أُلْقِيَ وَطَفَا عَلَيْهِ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَا أَعْلَمُ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ إِلَّا هَذَا الْمَعْنَى، أَوْ يَكُونُ طَعَامُهُ مِنْ دَوَابَّ تَعِيشُ فِيهِ فَتُؤْخَذُ بِالْأَيْدِي مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ كَتَكَلُّفِ صَيْدِهِ فَكَانَ هَذَا دَاخِلًا فِي ظَاهِرِ جُمْلَةِ الْآيَةِ وَاللهُ أَعْلَمُ اه.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْآيَةَ وَقَالَ: " مَا لَفَظَهُ مَيِّتًا فَهُوَ طَعَامُهُ " وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ، ورُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَذَفَ بِهِ مَيِّتًا، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: مَا حُسِرَ عَنْهُ وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ: مَا لَفَظَ الْبَحْرُ فَهُوَ طَعَامُهُ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، فَهَؤُلَاءِ يَرَوْنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِطَعَامِهِ فِي الْآيَةِ مَا لَا عَمَلَ لِلْإِنْسَانِ وَلَا كُلْفَةَ فِي اصْطِيَادِهِ كَالَّذِي يَطْفُو عَلَى وَجْهِهِ وَالَّذِي يُقْذَفُ بِهِ إِلَى السَّاحِلِ وَالَّذِي يَنْحَسِرُ عَنْهُ الْمَاءُ فِي وَقْتِ الْجَزَاءِ أَوْ لِأَسْبَابٍ أُخْرَى، لَا فَرْقَ بَيْنَ حَيِّهِ وَمَيِّتِهِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ: صَيْدُ الطَّرِيِّ وَطَعَامُهُ الْمَالِحُ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ وَأَخَذَ بِهَذَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَلَوْلَا هَذِهِ الرِّوَايَاتُ لَكَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنَ الْآيَةِ عِنْدِي: أَحَلَّ لَكُمْ أَنْ تَصْطَادُوا مِنَ الْبَحْرِ وَأَنْ تَأْكُلُوا الطَّعَامَ الْمُتَّخَذَ مِنْ حَيَوَانِهِ سَوَاءٌ صِدْتُمُوهُ أَنْتُمْ أَوْ صَادَهُ لَكُمْ غَيْرُكُمْ أَوْ أَلْقَاهُ الْبَحْرُ إِلَيْكُمْ. وَسَوَاءٌ كُنْتُمْ حَلَالًا أَوْ مُحْرِمِينَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (مَتَاعًا) فَمَعْنَاهُ لِأَجْلِ تَمَتُّعِكُمْ بِهِ أَوْ مَتَّعَكُمُ اللهُ بِهِ مَتَاعًا حَسَنًا، وَالسَّيَّارَةُ جَمَاعَةُ الْمُسَافِرِينَ وَيَتَزَوَّدُونَ مِنْهُ، فَهُوَ مَتَاعٌ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ.
(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) هَذَا أَعَمُّ مِنْ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ أَخْذَهُ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ، وَقِيلَ: يَشْمَلُ أَكْلَهُ وَإِنْ صَادَهُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ مُطْلَقًا، وَالتَّحْقِيقُ التَّفْصِيلُ فَمَا صَادَهُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِ أَوْ بِإِعَانَتِهِ أَوْ إِذْنِهِ لَا يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَمَا صَادَهُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَثَلِهِ ثُمَّ أَهْدَى مِنْهُ الْمُحْرِمَ فَهُوَ حِلٌّ لَهُ، وَقَدْ قُلْنَا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ إِنَّ هَذَا مَا يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، وَفِيهِ أَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِلْكِتَابِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ، وَقَدْ أَجَازَهُ الْجُمْهُورُ وَمَنَعَهُ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ مُطْلَقًا، وَلِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ تَفْصِيلٌ فِيهِ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِهِ هُنَا.
رَوَى أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: " كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست