responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 89
يُخَصَّصِ الْمُتَعَمِّدَ قَتْلَهُ فِي حَالِ نِسْيَانِهِ إِحْرَامَهُ، وَلَا الْمُخْطِئَ فِي قَتْلِهِ فِي حَالِ ذِكْرِهِ إِحْرَامَهُ بَلْ عَمَّ فِي إِيجَابِ الْجَزَاءِ عَلَى كُلِّ قَاتِلِ صَيْدٍ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ مُتَعَمِّدًا، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِحَالَةُ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ إِلَى بَاطِنٍ مِنَ التَّأْوِيلِ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ نَصِّ كِتَابٍ وَلَا خَبَرٍ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا إِجْمَاعٍ عَنِ الْأُمَّةِ وَلَا دَلَالَةَ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَسَوَاءٌ كَانَ قَاتِلُ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ عَامِدًا قَتْلَهُ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ، أَمْ عَامِدًا قَتْلَهُ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ، أَوْ قَاصِدًا غَيْرَهُ فَقَتَلَهُ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ، فَإِنَّ عَلَى جَمِيعِهِمْ مِنَ الْجَزَاءِ مَا قَالَ رَبُّنَا تَعَالَى وَهُوَ: (مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) إِلَخْ.
أَقُولُ: هَذَا هُوَ الِاسْتِدْلَالُ الصَّحِيحُ الْمُبَيِّنُ، لَكِنْ لَا يَظْهَرُ دُخُولُ الْقِسْمِ الْأَخِيرِ مِنَ التَّفْصِيلِ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: " أَوْ قَاصِدًا غَيْرَهُ فَقَتَلَهُ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ " ; لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَتْلِ الْخَطَأِ لَا الْعَمْدِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ صُورَةً مُعَيَّنَةً وَهِيَ أَنْ يَقْصِدَ قَتْلَ صَيْدٍ غَيْرِهِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِإِحْرَامِهِ، إِذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ قَصَدَ قَتْلَ الصَّيْدِ بِإِطْلَاقٍ، وَأَنَّهُ مُنْتَهِكٌ لِحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا إِذَا قَصَدَ رَمْيَهُ لِجَرْحِهِ لَا لِقَتْلِهِ، وَأَمَّا إِذَا رَمَى غَرَضًا لَا حَيَوَانًا أَوْ حَيَوَانًا يُبَاحُ قَتْلُهُ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ فَأَصَابَ سَهْمُهُ أَوْ رَصَاصُهُ صَيْدًا لَمْ يَكُنْ يَرَاهُ مَثَلًا فَلَا جَزَاءَ فِيهِ فِي هَذَا بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ الَّذِي قَرَّرَهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّ عُمَرَ قَالَ فِي مِثْلِهِ إِنَّهُ أَشْرَكَ فِيهِ الْعَمْدَ بِالْخَطَأِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَأَمَّا مَا يَلْزَمُ بِالْخَطَأِ قَاتِلُهُ فَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْلَ فِيهِ فِي كِتَابِنَا (كِتَابُ لَطِيفِ الْقَوْلِ فِي أَحْكَامِ الشَّرَائِعِ) بِمَا أَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلَيْسَ هَذَا الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ ذِكْرِهِ لِأَنَّ قَصْدَنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ الْإِبَانَةُ عَنْ تَأْوِيلِ التَّنْزِيلِ، وَلَيْسَ فِي التَّنْزِيلِ لِلْخَطَأِ ذِكْرٌ فَنَذْكُرُ أَحْكَامَهُ. اه.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِثْلِ الْمُرَادِ مِنَ الْآيَةِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى اعْتِبَارِ مِثْلِ الْمَقْتُولِ فِي خَلْقِهِ كَصُورَتِهِ وَفِعْلِهِ وَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ النَّخْعِيُّ إِلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَتَبِعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ، وَالْأَوَّلُ مُؤَيَّدٌ بِحُكْمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحُكْمِ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ، رَوَى أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ " جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّبْعِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ كَبْشًا وَجَعَلَهُ مِنَ الصَّيْدِ " ; أَيْ لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَمَا ثَبَتَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ سَأَلَ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَصَحَّحَهُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ الْأَجْلَحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " فِي الضَّبْعِ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ كَبْشٌ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ، قَالَ: الْجَفْرَةُ الَّتِي قَدِ ارْتَعَتْ، وَالْأَجْلَحُ هَذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: صَدُوقٌ، قَالَ الْحَافِظُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست