responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 82
وَمَثَلُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ " اشْرَبُوا وَلَا تَسْكَرُوا " قَالَ النَّسَائِيُّ: وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ أَيْضًا، وَقَالَ فِي قِرْصَافَةَ رَاوِيَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ لَا يُدْرَى مَنْ هِيَ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ عَائِشَةَ خِلَافُ مَا رَوَتْهُ عَنْهَا قِرْصَافَةُ، ثُمَّ ذَكَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْهَا فِي ذَلِكَ كَقَوْلِهَا: " لَا أُحِلُّ مُسْكِرًا وَإِنْ كَانَ خُبْزًا وَإِنْ كَانَ مَاءً " وَقَوْلِهَا لِلنِّسَاءِ: " وَإِنْ أَسْكَرَكُنَّ مَاءُ حُبِّكُنَّ فَلَا تَشْرَبْنَهُ " أَقُولُ: كَذَبُوا عَلَى عَائِشَةَ كَمَا كَذَبُوا عَلَى ابْنِ عُمَرَ بِخِلَافِ مَا صَحَّ عَنْهُمَا.
وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي هَذَا الْمَعْنَى شَيْءٌ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ مَعْنَاهُ عَلَى مَا يُوَافِقُ سَائِرَ النُّصُوصِ وَهُوَ الْإِذْنُ بِشُرْبِ النَّبِيذِ (النَّقِيعِ) إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَمِرْ فَيَصِيرُ مُسْكِرًا لِئَلَّا يُكْسَرَ بِهِ، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ فِي تَحْرِيمِ كُلِّ مُسْكِرٍ وَفِي تَسْمِيَتِهِ خَمْرًا عَلَى الْمُسْكِرِ بِالْفِعْلِ فَهُوَ تَحْرِيفٌ لِلُّغَةِ وَإِفْسَادٍ لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنِّي لَأَعْجَبُ كَيْفَ يَقُولُ عَاقِلٌ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ الصَّحَابَةَ بِأَنْ يَشْرَبُوا مِنَ الْمُسْكِرِ وَأَلَّا يَسْكَرُوا، هَلْ يَتَيَسَّرُ لِوَاحِدٍ مِنْ أَلْفٍ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَشْرَبَ مِنَ الْمُسْكِرِ وَلَا يَسْكَرَ؟
(عُقُوبَةُ شَارِبِ الْخَمْرِ) .
ثَبَتَ فِي أَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ مُجْتَمِعِينَ وَمُنْفَرِدِينَ " أَنَّهُ كَانَ يُؤْتَى بِالشَّارِبِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُضْرَبُ بِالْأَيْدِي وَالْجَرِيدِ وَالثِّيَابِ وَالنِّعَالِ " وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجُلِدَ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ، قَالَ وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ " مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ عَلَى أَحَدٍ حَدَّا فَيَمُوتُ وَأَجِدُ فِي نَفْسِي شَيْئًا إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ (أَيْ دَفَعْتُ دِيَتَهُ) وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ ".
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: " أَنَّ عُثْمَانَ أَتَى بِالْوَلِيدِ وَقَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: أَزِيدُكُمْ فَشَهِدَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، وَشَهِدَ آخِرٌ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّؤُهَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْهَا حَتَّى شَرِبَهَا، وَأَمَرَ بِجِلْدِهِ، فَجَلَدَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ: أَمْسِكْ، ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ " أَقُولُ: يَعْنِي الْأَرْبَعِينَ الَّذِي أَمَرَ بِهَا، وَقَوْلُهُ: " وَكُلٌّ سُنَّةٌ " مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّ حَدَّ الْخَمْرِ; " لِأَنَّ ضَرْبَهُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا يُعَدُّ سُنَّةً مَحْدُودَةً لَهُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَإِنَّمَا صَارَ سُنَّةً عَمَلِيَّةً لِجَرْيِ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي الْعِقَابِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَهُوَ الضَّرْبُ الْمُرَادُ مِنْهُ إِهَانَةُ الشَّارِبِ وَتَنْفِيرُ النَّاسِ مِنَ الشُّرْبِ، وَإِنَّ ضَرْبَ الشَّارِبِ أَرْبَعِينَ وَثَمَانِينَ كَانَ اجْتِهَادًا مِنَ الْخُلَفَاءِ فَاخْتَارَ الْأَوَّلَ أَبُو بَكْرٍ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا وَقَعَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 82
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست