responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 57
تَقَرَّبَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، ثُمَّ حَرَّمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ بَعْدَ غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ وَعُلِمَ أَنَّهَا تُسَفِّهُ الْأَحْلَامَ وَتُجْهِدُ الْأَمْوَالَ وَتَشْغَلُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ".
وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " حُرِّمَتِ الْخَمْرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ ذَكَرَ نُزُولَ الْآيَاتِ، وَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَقَالَ فِي آيَةِ النِّسَاءِ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ آيَةً أَغْلَظَ مِنْهَا، أَيْ مِنْ آيَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْأُولَى تَحْرِيمٌ ظَنِيٌّ، وَالثَّانِيةَ تَحْرِيمٌ قَطْعِيٌّ فِي مُعْظَمِ الْأَوْقَاتِ، وَالثَّالِثَةَ قَطْعِيٌّ مُسْتَغْرِقٌ لِكُلِّ زَمَنٍ ".
فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ وَغَيْرُهَا فِي التَّصْرِيحِ بِالْقَطْعِ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ تَدُلُّ دَلَالَةً قَاطِعَةً عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصُّحْبَةَ كَافَّةً فَهِمُوا مِنْ آيَةِ الْمَائِدَةِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَمْرَ تَحْرِيمًا بَاتًّا لَا هَوَادَةَ فِيهِ، وَأَنَّ الْخَمْرَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَرَابٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُسْكِرَ شَارِبَهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا فِيهَا بِلَفْظِ التَّحْرِيمِ، وَأَنَّهُ كَانَ تَعْرِيضًا، فَجَعَلَتْهُ آيَةُ الْمَائِدَةِ تَصْرِيحًا أَوْ أَنَّ آيَتِي الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ كَانَتَا مُقَدِّمَةً لِتَحْرِيمِهَا أَوْ مُفِيدَتَيْنِ لَهُ إِفَادَةً ظَنِّيَّةً، كَمَا قُلْنَا مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ أَهْرَقُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْخُمُورِ عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ، وَكَانَ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا مِنْ خَمْرِ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ الَّذِي يَكْثُرُ فِي الْمَدِينَةِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مَخْرَجًا مِنْ ذَلِكَ بِتَأَوُّلٍ وَلَا رُخْصَةٍ.
نَعَمْ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بَعْضَ الْأَنْبِذَةِ بِأَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ، وَقَدْ سَأَلُوا عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حُكْمُهَا إِذَا صَارَ يُسْكِرُ كَثِيرُهَا أَوْ مُطْلَقًا، قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: " قُلْتُ يَا رَسُولَ
اللهِ أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ: الْبِتْعِ وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَالْمِزْرِ، وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ بِخَوَاتِمِهِ فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُمْ عَنِ الْجِعَةِ " رَوَاهُ دَاوُدُ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَالْجِعَةُ بِكَسْرٍ فَفَتَحٍ نَبِيذُ الشَّعِيرِ وَتُسَمَّى بِالْإِفْرِنْجِيَّةِ " بِيرَا ".
وَالْأَصْلُ فِي النَّبِيذِ أَنْ يُنْقَعَ الشَّيْءُ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَنْضَحَ، فَيُشْرَبَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَلَمْ يُقْصَدْ بِهِ أَنْ يُتْرَكَ لِيَخْتَمِرَ وَيَصِيرَ سَكَرًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَزِيدَ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست