responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 555
(وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الْآيَةَ. قَالَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ لَتَنْتَهِيَنَّ عَنْ سَبِّكَ آلِهَتَنَا أَوْ لَنَهْجُوَ رَبَّكَ ; فَنَهَاهُمُ اللهُ أَنْ يَسُبُّوا أَوْثَانَهُمْ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: لَمَا حَضَرَ أَبَا طَالِبٍ الْمَوْتُ قَالَتْ قُرَيْشٌ: انْطَلِقُوا فَلْنَدْخُلْ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فَنَأْمُرْهُ أَنْ يَنْهَى عَنَّا ابْنَ أَخِيهِ، فَانْطَلَقَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَبُو جَهْلٍ وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَعَقَبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ
وَالْأَسْوَدُ بْنُ الْبَخْتَرِيِّ وَبَعَثُوا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ الْمُطَّلِبُ فَقَالُوا: اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى أَبِي طَالِبٍ. فَأَتَى أَبَا طَالِبٍ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ مَشْيَخَةُ قَوْمِكَ يُرِيدُونَ الدُّخُولَ عَلَيْكَ، فَأَذِنَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَدَخَلُوا فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ أَنْتَ كَبِيرُنَا وَسَيِّدُنَا وَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ آذَانَا وَآذَى آلِهَتَنَا فَنُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَهُ فَتَنْهَاهُ عَنْ ذِكْرِ آلِهَتِنَا وَلْنَدَعْهُ وَإِلَهَهُ. فَدَعَاهُ فَجَاءَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ وَبَنُو عَمِّكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَاذَا يُرِيدُونَ؟ " قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَدَعَنَا وَآلِهَتَنَا وَلْنَدَعْكَ وَإِلَهَكَ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَعْطَيْتُكُمْ هَذَا، هَلْ أَنْتُمْ مُعْطِيَّ كَلِمَةً إِنْ تَكَلَّمْتُمْ بِهَا مَلَكْتُمْ بِهَا الْعَرَبَ وَدَانَتْ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ وَأَدَّتْ لَكُمُ الْخَرَاجَ؟ " قَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَأَبِيكَ لَنُعْطِيَنَّكَهَا وَعِشْرَةَ أَمْثَالِهَا فَمَا هِيَ؟ قَالَ: " قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ " فَأَبَوْا وَاشْمَئَزُّوا، قَالَ أَبُو طَالِبٍ: قُلْ غَيْرَهَا فَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ فَزِعُوا مِنْهَا، قَالَ: " يَا عَمِّ مَا أَنَا بِالَّذِي أَقُولُ غَيْرَهَا حَتَّى يَأْتُوا بِالشَّمْسِ فَيَضَعُوهَا فِي يَدِيَ، وَلَوْ أَتَوْنِي بِالشَّمْسِ فَوَضَعُوهَا فِي يَدِيَ، مَا قُلْتُ غَيْرَهَا " إِرَادَةَ أَنْ يُؤُيِسَهُمْ، فَغَضِبُوا وَقَالُوا لَتَكُفَّنَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا أَوْ لَنَشْتُمَنَّكَ وَنَشْتُمَ مَنْ يَأْمُرُكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسُبُّونَ أَصْنَامَ الْكُفَّارِ فَيَسُبُّ الْكُفَّارُ اللهَ، فَأَنْزَلَ اللهُ (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) انْتَهَى. أَيْ أَنْزَلَ ذَلِكَ ضِمْنَ السُّورَةِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ " اهـ.
وَقَدْ غَفَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ عَنْ مِثْلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ شُئُونِ النَّاسِ الَّتِي تَحْمِلُهُمْ عَلَى سَبِّ أَعْظَمِ شَيْءٍ عِنْدَهُمْ فِي حَالِ الْغَضَبِ، وَالْمُلَاحَاةِ فِي الْمِرَاءِ وَالْجَدَلِ وَعَنِ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنِ السَّلَفِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِسَبِّهِمُ اللهَ تَعَالَى هُنَا سَبُّ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَابِ التَّجَوُّزِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ) 48: 10 وَهُوَ تَكَلُّفٌ بَعِيدٌ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: وَسَبُّهُمْ لِلَّهِ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُمْ يَسُبُّونَهُ صَرِيحًا، وَلَكِنْ يَخُوضُونَ فِي ذِكْرِهِ فَيَذْكُرُونَهُ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَيَتَمَادَوْنَ فِي ذَلِكَ بِالْمُجَادَلَةِ فَيَزْدَادُونَ فِي ذِكْرِهِ بِمَا تَنَزَّهَ تَعَالَى عَنْهُ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ مِمَّا يَقَعُ مِثْلُهُ وَلَيْسَ كُلَّ الْمُرَادِ.
وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمُ النَّهْيَ بِمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مِنْ وَصْفِ آلِهَتِهِمْ بِأَنَّهَا
لَا تَضُرُّ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 555
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست