responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 531
الْمُقَرِّبَةِ لِلْأَبْعَادِ، وَالْآلَاتِ الْمُحَلِّلَةِ لِلنُّورِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا سُرْعَةُ سِيَرِهِ، وَأَبْعَادُ الْأَجْرَامِ السَّمَاوِيَّةِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَمِسَاحَةُ الْكَوَاكِبِ وَكَثَافَتُهَا وَالْمَوَادُّ الْمُؤَلَّفَةُ مِنْهَا. وَإِنَّنَا نَقْتَبِسُ مِمَّا نُقِلَ عَنْ عُلَمَاءِ الْهَيْئَةِ كَلِمَةً فِي أَبْعَادِ بَعْضِ النُّجُومِ الثَّوَابِتِ الَّتِي هِيَ شُمُوسٌ مِنْ جِنْسِ شَمْسِنَا لِيُعْلَمَ بِهَا قَدْرُ عِلْمِ رَبِّنَا وَسِعَةِ مُلْكِهِ.
" النُّجُومُ تُعَدُّ بِالْمَلَايِينِ، لَكِنَّ عُلَمَاءَ الْفَلَكِ لَمْ يَتَمَكَّنُوا حَتَّى الْآنَ إِلَّا مِنْ مَعْرِفَةِ إِبْعَادِ بَعْضِ الْمِئَاتِ مِنْهَا ; لِأَنَّ سَائِرَهَا أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يُرَى اخْتِلَافٌ فِي مَوَاقِعِهِ، وَالَّذِي عُرِفَ بُعْدُهُ مِنْهَا جَرَتِ الْعَادَةُ أَلَّا يُحْسَبَ بُعْدُهُ بِالْأَمْيَالِ، بَلْ بِالْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْطَعُهَا النُّورُ فِي سَنَةٍ مِنَ الزَّمَانِ، فَإِنَّ النُّورَ يَسِيرُ 86000 مِيلٍ فِي الثَّانِيَةِ فَيَقْطَعُ فِي الدَّقِيقَةِ 5160000 مِيلٍ، وَفِي السَّنَةِ نَحْوَ 6000000000000 مِيلٍ، وَقَدْ وُجِدَ بِالرَّصْدِ أَنَّ أَقْرَبَ النُّجُومِ مِنَّا لَا يَصِلُ نُورُهُ إِلَيْنَا إِلَّا فِي أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ وَنَحْوِ نِصْفِ سَنَةٍ، فَيُقَالُ إِنَّ بُعْدَهُ عَنَّا أَرْبَعُ سَنَوَاتٍ وَنِصْفُ سَنَةٍ نُورِيَّةٍ. وَمِنَ النُّجُومِ مَا لَا يَصِلُ النُّورُ مِنْهُ إِلَيْنَا إِلَّا فِي أَلْفِ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَالنَّجْمُ الْمُسَمَّى النَّسْرُ الْوَاقِعُ يَصِلُ النُّورُ مِنْهُ إِلَيْنَا فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ سَنَةً لِأَنَّ بُعْدَهُ عَنَّا نَحْوُ 180000000000000، وَالنَّجْمُ الْمُسَمَّى بِالسِّمَاكِ الرَّامِحِ يَصِلُ النُّورُ مِنْهُ إِلَيْنَا فِي نَحْوِ خَمْسِينَ سَنَةً لِأَنَّ بُعْدَهُ عَنَّا 300000000000000 وَأَمَّا الشِّعْرَى الْعَبُورُ وَهُوَ أَسَطَعُ النُّجُومِ نُورًا فَبُعْدُهَا عَنَّا نَحْوُ تِسْعِ سَنَوَاتٍ نُورِيَّةٍ، وَالْعَيُوقُ بُعْدَهُ عَنَّا نَحْوُ 32 سَنَةً نُورِيَّةً.
وَأَوَّلُ مَنْ قَاسَ أَبْعَادَ النُّجُومِ بِالضَّبْطِ الْفَلَكِيُّ (سْتُرُوفُ) فَإِنَّهُ قَاسَ بُعْدَ " النَّسْرِ الْوَاقِعِ مِنْ (سَنَةِ 1835 إِلَى سَنَةِ 1838 مِيلَادِيَّةَ) فَجَاءَتْ نَتِيجَةُ قِيَاسِهِ مُطَابِقَةً لِنَتِيجَةِ الْقِيَاسَاتِ الْحَدِيثَةِ مَعَ أَنَّ الْفَلَكِيِّينَ يَسْتَخْدِمُونَ الْآنَ مِنَ الْوَسَائِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فِي عَصْرِهِ " اهـ.
وَلَعَلَّ كَثْرَةَ الْآيَاتِ فِي عَالَمِ السَّمَاءِ هِيَ نُكْتَةُ تَذْيِيلِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهَا آيَاتُ التَّنْزِيلِ أَوْ آيَاتُ التَّكْوِينِ. فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ فَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُنَزَّلَةِ فِي الْحَثِّ عَلَى النَّظَرِ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ كُلِّهِ تَفْصِيلٌ مُبَيِّنٌ لِطُرُقِ النَّظَرِ وَالْبَحْثِ فِي الْعَالَمِ السَّمَاوِيِّ لِلَّذِينِ يَعْلَمُونَ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ وَالِاسْتِعْدَادِ شَيْئًا مِنْ حُكْمِ اللهِ تَعَالَى وَعَجَائِبِ صُنْعِهِ فِيهِ، فَيَزْدَادُونَ بِهَذَا التَّفْصِيلِ بَحْثًا وَعِلْمًا، فَيَكُونُ عِلْمُهُمْ نَامِيًا مُسْتَمِرًّا. وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَوَجْهُهُ أَظْهَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى عِلْمِ اللهِ تَعَالَى وَحَكَمَتِهِ وَفَضْلِهِ عَلَى خَلْقِهِ، لَا يَسْتَخْرِجُهَا مِنَ النَّظَرِ فِي النُّجُومِ إِلَّا الَّذِينَ يَعْلَمُونَ، أَيْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَذَا الشَّأْنِ، الَّذِينَ يَقْرِنُونَ الْعِلْمَ بِالِاعْتِبَارِ، وَلَا يَرْضَوْنَ بِأَنْ يَكُونَ مُنْتَهَى الْحَظِّ، مَا تَمَتَّعَ بِهِ اللَّحْظُ، وَلَا غَايَةَ النَّظَرِ وَالْحِسَابِ، أَنَّ يُقَالَ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ.
وَمِنَ الِاعْتِبَارِ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُقْتَطَفِ بَعْدَ مَقَالَاتٍ لَخَّصَ فِيهَا بَعْضَ " بِسَائِطِ عِلْمِ الْفَلَكِ " -

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 531
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست