responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 518
فِي عِلْمِ خَرْتِ الْأَرْضِ وَتَقْوِيمِ الْبُلْدَانِ، فِيهِ بَيَانُ مَكَانِهِمْ وَبَيَانُ أَقْرَبِ السُّبُلِ لِمَنْجَاتِهِمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يَتَلَبَّثُونَ بِقَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَأَمَّا الْمُنْكِرُونَ لِلْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ فَلَا يَشْعُرُونَ بِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى هِدَايَتِهِ. وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ أَوْ تَصْرِيحٌ بِسَبَبِ إِعْرَاضِ جُمْهُورِ أَهْلِ مَكَّةَ الْأَعْظَمِ عَنْ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ سَعَادَتُهُمْ.
وَبَالَغَ الرَّازِيُّ فِي قَوْلِهِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ التَّنْبِيهَ عَلَى إِخْرَاجِ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ قَبُولِ هَذَا الدِّينِ، لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى تَحَمُّلِ مَشَقَّةِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَتَرْكِ رِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَتَرْكِ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ لَيْسَ إِلَّا الرَّغْبَةَ فِي الثَّوَابِ وَالرَّهْبَةَ مِنَ الْعِقَابِ، وَكُفَّارُ مَكَّةَ لَمَّا لَمْ يَعْتَقِدُوا فِي الْبَعْثِ وَالْقِيَامَةِ امْتَنَعَ مِنْهُمْ تَرْكُ الْحَسَدِ وَتَرْكُ الرِّيَاسَةِ فَلَا جَرَمَ يَبْعُدُ قَبُولُهُمْ لِهَذَا الدِّينِ وَاعْتِرَافُهُمْ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اهـ. وَيُعْلَمُ وَجْهُ الْمُبَالَغَةِ مِمَّا فَسَّرْنَا بِهِ الْجُمْلَةَ الشَّرِيفَةَ (وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) يُؤَدُّونَهَا فِي أَوْقَاتِهَا، مُقِيمِينَ لِأَرْكَانِهَا وَآدَابِهَا ; فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِالْبَعْثِ وَبِالْقُرْآنِ يَقْتَضِي ذَلِكَ حَتْمًا، وَخُصَّتِ الصَّلَاةُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فُرِضَ عِنْدَ نُزُولِ السُّورَةِ مِنْ أَرْكَانِ الْعِبَادَاتِ غَيْرَهَا، عَلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ عِمَادَ الدِّينِ وَرَأْسَ الْعِبَادَاتِ وَمُمِدَّةَ الْإِيمَانِ بِالتَّقْوِيَةِ وَكَمَالِ الْإِذْعَانِ، كَانَتِ الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا دَاعِيَةً إِلَى الْقِيَامِ بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَتَرْكِ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ الْمَنْصُوصَةِ، وَمُحَاسَبَةِ النَّفْسِ عَلَى الشُّبُهَاتِ وَالْأَفْعَالِ الْمَكْرُوهَةِ.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست