responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 447
فِيمَا يَظْهَرُ عَمَّنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ اللَّذَيْنِ أَدْخَلَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَثِيرًا مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، فَتَلَقُّوهَا بِالْقَبُولِ عَلَى عِلَّاتِهَا. وَعَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَجْرُوحِ بِالْكَذِبِ الَّذِي قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِيهِ: كَانَ يَأْخُذُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ الَّذِي يُوَافِقُ كُتُبَهُمْ. فَفِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: آزَرُ لَمْ يَكُنْ بِأَبِيهِ، وَلَكِنَّهُ اسْمُ صَنَمٍ. وَعَنِ السُّدِّيِّ اسْمُ أَبِيهِ تَارَحُ، وَاسْمُ الصَّنَمِ آزَرُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ قَالَ: آزَرُ الصَّنَمُ، وَأَبُو إِبْرَاهِيمَ اسْمُهُ يَازَرَ، وَفِي الْأُخْرَى أَنَّ أَبَا إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ آزَرَ، وَإِنَّمَا اسْمُهُ تَارَحَ. رَوَاهُمَا عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ اسْمَهُ تَيْرَحُ. وَجَزَمَ الضَّحَّاكُ بِأَنَّ اسْمَهُ آزَرَ، وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي " التَّارِيخِ الْكَبِيرِ ": إِبْرَاهِيمُ بْنُ آزَرَ، وَهُوَ فِي التَّوْرَاةِ تَارَحُ، وَاللهُ سَمَّاهُ آزَرَ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ النَّسَّابِينَ وَالْمُؤَرَّخَيْنِ اسْمُهُ تَارَخُ لِيُعْرَفَ بِذَلِكَ. اهـ. فَقَدِ اعْتَمَدَ أَنَّ آزَرَ هُوَ اسْمُهُ عِنْدَ اللهِ - أَيْ فِي كِتَابِهِ - فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَبِهَا وَإِلَّا رَدَدْنَا قَوْلَ الْمُؤَرِّخِينَ، وَسِفْرَ التَّكْوِينِ لِأَنَّهُ لَيْسَ حُجَّةً عِنْدَنَا حَتَّى نَعْتَدَّ بِالتَّعَارُضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ظَوَاهِرِ الْقُرْآنِ، بَلِ الْقُرْآنُ هُوَ الْمُهَيْمِنُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، نُصَدِّقُ مَا صَدَّقَهُ، وَنُكَذِّبُ مَا كَذَّبَهُ، وَنَلْزَمُ الْوَقْفَ فِيمَا سَكَتَ عَنْهُ حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهِ صَحِيحٌ. وَأَضْعَفُ مَا قَالُوهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ آزَرَ اسْمُ عَمِّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْعَمَّ أَبًا مَجَازًا، وَهَذِهِ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ عَلَى إِطْلَاقِهَا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ حَيْثُ تُوجَدُ قَرِينَةٌ يُعْلَمُ مِنْهَا الْمُرَادُ، وَلَا قَرِينَةَ هُنَا وَلَا فِي سَائِرِ الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ، وَيَلِيهِ فِي الضَّعْفِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنَّهُ كَانَ خَادِمُ الصَّنَمِ الْمُسَمَّى بِآزَرَ، فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَكَانَهُ. وَأَقْوَاهُ أَنَّ لَهُ اسْمَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا عَلَمٌ وَالْآخَرُ لَقَبٌ: وَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ تَارَحُ هُوَ اللَّقَبُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُتَكَاسِلُ، وَهُوَ لَقَبٌ قَبِيحٌ قَلَّمَا يُطْلِقُهُ أَحَدٌ ابْتِدَاءً عَلَى وَلَدِهِ، وَإِنَّمَا يُطْلَقُ مِثْلُهُ عَلَى الْمَرْءِ بَعْدَ ظُهُورِ مَعْنَاهُ فِيهِ أَوْ رَمْيِهِ بِهِ، إِلَّا أَنْ يَصِحَّ مَا زَعَمَهُ مِنْ عَكْسٍ، فَجُعِلَ آزَرُ هُوَ اللَّقَبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ فِي لُغَتِهِمُ الْمُخْطِئُ أَوِ الْمُعْوَجُّ أَوِ الْأَعْوَجُ أَوِ الْأَعْرَجِ - وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ عَمَّا قَبْلَهُ - وَقِيلَ: إِنَّهُ الشَّيْخُ الْهَرِمُ بِالْخُوَارَزْمِيَّةِ.
بَعْدَ كِتَابَةِ مَا تَقَدَّمَ رَاجَعْتُ (رُوحَ الْمَعَانِي) لِلْأَلُوسِيِّ، وَالتَّفْسِيرَ الْكَبِيرَ (مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ) لِلرَّازِيِّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَنْقُلَ عَنْهُمَا مَا يَأْتِي:
قَالَ الْأَلُوسِيُّ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْوَصْفِيَّةِ يَكُونُ مَنْعُ صَرْفِهِ لِلْحَمْلِ عَلَى مُوَازِنِهِ وَهُوَ فَاعِلٌ الْمَفْتُوحُ الْعَيْنِ، فَإِنَّهُ يَغْلِبُ مَنْعَ صَرْفِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي الْأَعْلَامِ الْأَعْجَمِيَّةِ، وَقِيلَ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ فَأُلْحِقَ بِالْعَلَمِ. وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ نَعْتًا مُشْتَقًّا مِنَ الْأَزْرِ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ، أَوِ الْوِزْرِ بِمَعْنَى الْإِثْمِ، وَمَنْعُ صَرْفِهِ حِينَئِذٍ لِلْوَصْفِيَّةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 447
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست