responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 430
بِقُبْحِ الْقُعُودِ مَعَ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِآيَاتِ اللهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَقْلُ مُسْتَقِلًّا بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ هَذَا الْجَوَازِ مَعَ رَدِّ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ، إِلَّا أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ التَّعْبِيرُ بِفِعْلِ الِاسْتِقْبَالِ وَهُوَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ الْمُنِيرِ، وَلَكِنْ كَيْفَ يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَى هَذَا اللُّغَوِيِّ النِّحْرِيرِ؟ .
وَاسْتَنْبَطَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِمَا يَفْعَلُهُ فِي حَالِ النِّسْيَانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ، وَإِذَا أَكَلَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا لَا يَبْطُلُ صِيَامُهُ، لَا بِمَعْنَى أَنَّ
4الْحُقُوقَ تُسْقَطُ بِهِ، وَيَسْتَدِلُّ الْأُصُولِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَدِيثِ " رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " وَقَدِ اشْتَهَرَ الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي كُتُبِهِمْ، وَفِيهِ مَقَالٌ لِلْمُحَدِّثِينَ مَعْرُوفٌ؛ أَنْكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، فَقَالَ: لَا يَصِحُّ وَلَا يَثْبُتُ إِسْنَادُهُ. وَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ مَرْفُوعٌ فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ اللهَ أَوْجَبَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ فِي الْخَطَأِ الْكَفَّارَةَ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا مِنْ أَنَّ رَفْعَ النِّسْيَانِ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الْإِثْمِ لَا رَفْعِ الْحُقُوقِ، فَمَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ أَعَادَهَا، وَحُقُوقُ الْعِبَادِ أَوْلَى بِأَلَّا تَسْقُطَ بِنِسْيَانٍ وَلَا خَطَأٍ. وَأَمَّا إِسْنَادُهُ فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي بَابِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ " إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " قَالَ فِي الزَّوَائِدِ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِنْ سَلِمَ مِنَ الِانْقِطَاعِ، وَلَكِنْ رَجَحَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَقَالَ الدَّيْبَعُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ: وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ بِلَفْظِ " إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثًا: الْخَطَأُ، وَالنِّسْيَانُ، وَالْأَمْرُ يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ " وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، كَذَا صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) أَيْ وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ اللهَ مِنْ حِسَابِ الْخَائِضِينَ فِي آيَاتِهِ شَيْءٌ مَا، فَلَا يُحَاسَبُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ خَوْضِهِمْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يُحَاسِبُهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا إِذَا هُمْ تَجَنَّبُوهُمْ وَأَعْرَضُوا عَنْهُمْ كَمَا أُمِرُوا، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَا عَلَيْكَ أَنْ يَخُوضُوا فِي آيَاتِ اللهِ إِذَا تَجَنَّبْتَهُمْ وَأَعْرَضْتَ عَنْهُمْ، قِيلَ: هُوَ رُخْصَةٌ، وَمَعْنَاهُ: مَا عَلَيْهِمْ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ إِنْ قَعَدُوا مَعَهُمْ - وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِذْ قَالَ فِيهَا: (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) (4: 140) وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَّصِلَ بِالنَّهْيِ مَا يُبْطِلُهُ وَهُوَ قَدْ نَزَلَ مَعَهُ كَمَا هُنَا. قَالَ الْأَلُوسِيُّ: وَفِي الطَّوْدِ الرَّاسِخِ فِي الْمَنْسُوخِ وَالنَّاسِخِ أَنَّهُ لَا نَسْخَ عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: (وَمَا عَلَى الَّذِينَ) إِلَخْ. خَبَرٌ، وَلَا نَسْخَ فِي الْأَخْبَارِ، فَافْهَمْ. انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ الْجُمْلَةَ إِنْشَائِيَّةُ الْمَعْنَى، فَهِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مَعْنَاهُ عَدَمُ مُؤَاخَذَةِ أَحَدٍ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، لَا خَبَرٌ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي قَالُوا إِنَّهَا لَا تُنْسَخُ، وَالْعُمْدَةُ فِي رَدِّ الْقَوْلِ بِنَسْخِهَا مَا ذُكِرَ آنِفًا، فَتَعَيَّنَ تَقْدِيرُ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ أَنْ يُقَالَ فِي التَّقْدِيرِ: وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ اللهَ مِنْ حِسَابِ الْخَائِضِينَ مِنْ شَيْءٍ؛
إِذْ كَانُوا يَقْعُدُونَ مَعَهُمْ قَبْلَ النَّهْيِ كَارِهِينَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 430
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست