responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 42
فِي ذَلِكَ، كَمَا رَوَاهُ السُّيُوطِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ مُخْتَصَرًا، وَرُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ آيَاتِ الْمَائِدَةِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ (رَضِي اللهُ عَنْهُ) قَالَ: " فِيَّ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ صَنَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ طَعَامًا فَدَعَانَا فَأَتَاهُ نَاسٌ فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى انْتَشَوْا مِنَ الْخَمْرِ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ فَتَفَاخَرُوا فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: الْأَنْصَارُ خَيْرٌ، وَقَالَتْ قُرَيْشٌ: قُرَيْشٌ خَيْرٌ، فَأَهْوَى رَجُلٌ بِلَحْيِ جَزُورٍ فَضَرَبَ عَلَى أَنْفِي فَفَزَرَهُ فَكَانَ سَعْدٌ مَفْزُورَ الْأَنْفِ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الْآيَةَ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَابْنُ النَّحَّاسِ فِي نَاسِخِهِ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ " أَنَّهُ نَادَمَ رَجُلًا فَعَارَضَهُ فَعَرْبَدَ عَلَيْهِ فَشَجَّهُ فَنَزَلَتِ الْآيَاتُ فِي ذَلِكَ ".
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ قَبَائِلِ الْأَنْصَارِ شَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ ثَمِلَ الْقَوْمُ عَبَثَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَلَمَّا أَنَّ صَحَوْا جَعَلَ يَرَى الرَّجُلُ مِنْهُمُ الْأَثَرَ بِوَجْهِهِ وَبِرَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، فَيَقُولُ: صَنَعَ بِي هَذَا أَخِي فُلَانٌ وَكَانُوا إِخْوَةً لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ضَغَائِنُ وَاللهِ لَوْ كَانَ رَءُوفًا رَحِيمًا مَا صَنَعَ بِي هَذَا، حَتَّى وَقَعَتِ الضَّغَائِنُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) إِلَى قَوْلِهِ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فَقَالَ نَاسٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ: هِيَ رِجْسٌ وَهِيَ فِي بَطْنِ فُلَانٍ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفِي بَطْنِ فُلَانٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) الْآيَةَ، رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ.
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى: " اللهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْبَقَرَةِ قَرَأَهَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَظَلَّ عَلَى دُعَائِهِ، وَكَذَلِكَ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ النِّسَاءِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْمَائِدَةِ دُعِيَ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قَالَ: انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا ".
وَالْحِكْمَةُ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ بِالتَّدْرِيجِ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَفْتُونِينَ بِهَا حَتَّى إِنَّهَا لَوْ حُرِّمَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَكَانَ تَحْرِيمُهَا صَارِفًا لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُدْمِنِينَ لَهَا عَنِ الْإِسْلَامِ، بَلْ عَنِ النَّظَرِ الصَّحِيحِ الْمُؤَدِّي إِلَى الِاهْتِدَاءِ بِهِ، لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ السُّخْطِ فَيَرَوْنَهُ بِغَيْرِ صُورَتِهِ الْجَمِيلَةِ، فَكَانَ مِنْ لُطْفِ اللهِ وَبَالَغِ حِكْمَتِهِ أَنْ ذَكَرَهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا دَلَالَةً ظَنِّيَّةً فِيهَا مَجَالٌ لِلِاجْتِهَادِ، لِيَتْرُكَهَا مَنْ لَمْ تَتَمَكَّنْ فِتْنَتُهَا مِنْ نَفْسِهِ،

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست