responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 412
وَالتَّصْدِيقِ بِالْأَنْبِيَاءِ، وَلَكِنْ يُعَذَّبُونَ بِذُنُوبِهِمْ. وَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) (43: 41) يَقُولُ مِنْ أُمَّتِكَ (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ (42) مِنَ الْعَذَابِ وَأَنْتَ حَيٌّ (فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) (42) فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَاجَعَ رَبَّهُ، فَقَالَ: " أَيُّ مُصِيبَةٍ أَشَدُّ مِنْ أَنْ أَرَى أُمَّتِي يُعَذِّبُ بَعْضُهَا بَعْضًا؟ " وَأُوحِيَ إِلَيْهِ (الم أَحْسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) (29: 1، 2) الْآيَتَيْنِ فَأَعْلَمَهُ أَنَّ أُمَّتَهُ لَمْ تُخَصَّ دُونَ الْأُمَمِ بِالْفِتَنِ، وَأَنَّهَا سَتُبْتَلَى كَمَا ابْتُلِيَتِ الْأُمَمُ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (23: 93، 94) فَتَعَوَّذَ نَبِيُّ اللهِ فَأَعَاذَهُ اللهُ، لَمْ يَرَ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا الْجَمَاعَةَ وَالْأُلْفَةَ وَالطَّاعَةَ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةً حَذَّرَ فِيهَا أَصْحَابِ الْفِتْنَةِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَخُصُّ بِهَا نَاسًا مِنْهُمْ دُونَ نَاسٍ، فَقَالَ: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (8: 25) فَخَصَّ بِهَا أَقْوَامًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ وَعَصَمَ بِهَا أَقْوَامًا. اهـ.
وَقَدْ وَفَّى الْحَسَنُ - رَحِمَهُ اللهُ - الْمَسْأَلَةَ حَقَّهَا مِنَ الْبَيَانِ بِذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَإِنْ نَزَلَ بَعْدَهَا بِسِنِينَ كَآيَةِ الْأَنْفَالِ الْأَخِيرَةِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَعْنَى هَذِهِ، وَهُوَ بَيَانُ سُنَّتَهُ تَعَالَى فِي الْفِتَنِ، تُصَابُ بِهَا الْأُمَمُ لَا تُصِيبُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ، وَكَانُوا سَبَبَ الْعَذَابِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا خَاصَّةً، بَلْ تَحِلُّ بِهِمْ وَبِمَنْ لَمْ يَمْنَعْهُمْ عَنِ الظُّلْمِ وَلَوْ عَجْزًا، بَلْ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ فِي هَذَا، وَلَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَحَادِيثُ أُخْرَى؛ مِنْهَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا رَبَّهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتَهُ بِتَسْلِيطِ عَدُوٍّ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا بِالسَّنَةِ الْعَامَّةِ - أَيِ الْمَجَاعَةِ وَالْقَحْطِ - وَلَا بِالْغَرَقِ، وَلَا بِمَا عَذَّبَ بِهِ الْأُمَمَ قَبْلَهُمْ كَالرِّيحِ وَالصَّيْحَةِ وَالرَّجْفَةِ. وَقَدْ أَوْرَدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَالسُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ.
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْعُلَمَاءُ بِمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَعَدِّدَةِ مِنَ الطُّرُقِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي إِثْبَاتِ وُقُوعِ الْخَسْفِ وَالْمَسْخِ وَالْقَذْفِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَمْثَلُ مَا أَجَابُوا بِهِ عَنْهَا هُوَ أَنَّ مَا دَعَا بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا هُوَ عَدَمُ هَلَاكِ أُمَّتِهِ كُلِّهَا بِمَا ذَكَرَ كَمَا هَلَكَتْ عَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَغَيْرُهُمْ، وَوُقُوعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأُمَّةِ لَا يُنَافِي اسْتِجَابَةَ الدُّعَاءِ، فَإِنَّ مِنْهُ الْمَوْتَ غَرَقًا أَوْ جُوعًا، وَقَدْ وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْأُمَّةِ حَتْمًا.
ثُمَّ حَدَثَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْأَجْيَالِ الْأَخِيرَةِ مَا هُوَ أَوْلَى بِالْإِشْكَالِ، وَأَحْوَجُ إِلَى مَثَلِ هَذَا الْجَوَابِ، وَهُوَ تَسْلِيطُ الْأَعْدَاءِ عَلَيْهَا الْمُعَارِضُ لِمَا وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَصَحُّهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 412
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست