responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 377
مِنْهَا بِتَأَمُّلِهَا وَفَهْمِهَا وَالِاعْتِبَارِ بِهَا، فَكَمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ فِي نَفْسِهَا يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهَا (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (12: 105) وَالْعَطْفُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلِتَسْتَبِينَ) قِيلَ: إِنَّهُ عَطْفٌ عَلَى عِلَّةٍ مَحْذُوفَةٍ لِقَوْلِهِ: (نُفَصِّلُ) لَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيلَهُ بِهَا بِخُصُوصِهَا، وَإِنَّمَا قَصَدَ الْإِشْعَارَ بِأَنَّ لَهُ فَوَائِدَ جَمَّةً مِنْ جُمْلَتِهَا مَا ذُكِرَ، أَيْ: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِمَا فِي تَفْصِيلِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْحِكَمِ، وَبَيَانِ الْحُجَجِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْعِبَرِ، وَلِأَجْلِ أَنْ تَسْتَبِينَ سَبِيلُ
الْمُجْرِمِينَ، فَيَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَقِيلَ: إِنَّهُ عِلَّةٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ هُوَ عَيْنُ الْمَذْكُورِ، أَيْ: وَلِأَجْلِ أَنْ تَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يُعْرَفُ بِضِدِّهِ، بَلْ بَيَّنَ قَبْلَهُ سَبِيلَ الْمُجْرِمِينَ مِنَ الْكُفَّارِ أَيْضًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ الْبَيِّنِ نُفَصِّلُ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَنُلَخِّصُهَا فِي صِفَةِ أَحْوَالِ الْمُجْرِمِينَ؛ مَنْ هُوَ مَطْبُوعٌ عَلَى قَلْبِهِ لَا يُرْجَى إِسْلَامُهُ، وَمَنْ يُرَى فِيهِ أَمَارَةُ الْقَبُولِ وَهُوَ الَّذِي يَخَافُ إِذَا سَمِعَ ذِكْرَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ حُدُودَهُ، وَلِتَسْتَوْضِحَ سَبِيلَهُمْ فَتُعَامِلَ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَا يَجِبُ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ فَصَّلْنَا ذَلِكَ التَّفْصِيلَ. انْتَهَى. وَيَسُرُّنِي أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْتُهُ فِي بَيَانِ أَصْنَافِ النَّاسِ فِي زَمَنِ نُزُولِ السُّورَةِ، وَمَا أَرْشَدَتْ إِلَيْهِ الْآيَاتُ فِي مُعَامَلَةِ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ، وَأَنَّ مَا قَلْتُهُ خَيْرٌ مِمَّا قَالَهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ: وَفِي الْآيَةِ مِنْ مَحَاسِنِ إِيجَازِ الْقُرْآنِ مَا لَا يَخْفَى.
وَسَيَأْتِي مِثْلُ هَذَا التَّعْبِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ: (وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (105) وَقَوْلُهُ مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (7: 174) وَلَا أَذْكُرُ أَنَّ فِي الْقُرْآنِ غَيْرَهُمَا.
(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) .

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست