responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 35
وَشِئْتَ، وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ
يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا: وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ، أَيْ لِبَيَانِ أَنَّ مَشِيئَةَ الْعَبْدِ تَابِعَةً لِمَشِيئَةِ الرَّبِّ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ بَعْضِ النَّاسِ فِي الْخِطَابِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوعٌ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ لِقَوْلِ الْيَهُودِيِّ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: " مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ " وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ " فَقَدْ أَشْرَكَ " وَرَوَى بِهِمَا وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " كَانَ أَكْثَرُ مَا يَحْلِفُ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِفُ: " لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ " وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْحَلِفُ بِعِزَّةِ اللهِ تَعَالَى، فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتِ الْأَفْعَالِ.
وَحَكَى الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، قَالُوا وَمُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ، إِذِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ فَقِيلَ: حَرَامٌ، وَقِيلَ: مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا، بَلْ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ حَدِيثُ " فَقَدْ كَفَرَ " كَالَّذِينِ يَحْلِفُونَ بِمَنْ يَعْتَقِدُونَ عَظَمَتَهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ وَيَلْتَزِمُونَ الْبِرَّ بِقَسَمِهِمْ بِهِمْ وَيُخَالِفُونَ عَاقِبَةَ الْحِنْثِ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَحْلِفُ بِاللهِ كَاذِبًا وَلَا يَحْلِفُ بِالْبَدَوِيِّ وَلَا بِالْمُتَوَلِّي وَأَمْثَالِهِمَا كَاذِبًا، وَالثَّانِي حَرَامٌ، وَالثَّالِثُ مِنْهُ الْمَكْرُوهُ وَهُوَ مَا فِيهِ شِبْهُ تَعْظِيمٍ دِينِيٍّ، وَمِنْهُ الْمُبَاحُ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ وَقَدْ سُئِلْنَا عَنْ حُكْمِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ فَأَفْتَيْنَا بِمَا نَصُّهُ (ص858 مِنْ مُجَلَّدِ الْمَنَارِ السَّادِسَ عَشَرَ) .
صَحَّ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا أَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ، وَنَقَلَ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مَا يَشْمَلُ التَّحْرِيمَ وَالْكَرَاهَةَ، فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إِنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إِنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ وَبَعْضُهُمْ فَصَّلَ فَقَالُوا: إِذَا تَضَمَّنَ الْحَلِفُ تَعْظِيمَ الْمَحْلُوفِ بِهِ كَمَا يُعَظَّمُ اللهُ
تَعَالَى كَانَ حَرَامًا وَإِلَّا كَانَ مَكْرُوهًا، أَقُولُ: وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْمُحَرَّمَ أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ اللهِ حَلِفًا يَلْتَزِمُ بِهِ فِعْلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَالْبِرَّ بِهِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ هَذَا الِالْتِزَامَ خَاصًّا بِالْحَلِفِ بِهِ أَيْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَمَنْ خَالَفَهُ كَانَ شَارِعًا لِشَيْءٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ، وَبِهَذَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْيَمِينِ الْحَقِيقِيِّ وَبَيْنَ مَا يَجِيءُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ مِنْ تَأْكِيدِ الْكَلَامِ وَهُوَ مِنْ أَسَالِيبِ اللُّغَةِ، وَقَدْ قَالُوا بِمِثْلِ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ فِي الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ " أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ " فَقَدْ ذَكَرُوا لَهُ عِدَّةَ أَجْوِبَةٍ مِنْهَا نَحْوَ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ يَقَعُ مِنَ الْعَرَبِ وَيَحْتَوِي عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ مِنْ دُونِ قَصْدٍ لِلْقَسَمِ، وَالنَّهْيُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ قَصَدَ حَقِيقَةَ الْحَلِفِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا:

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست