responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 334
الْقَوْلُ بِتَكْلِيفِ الْبَهَائِمِ:
(قَالَ) : وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا دَعْوَى الصُّوفِيَّةِ وَنَقَلَهُ الشَّعْرَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيٍّ الْخَوَّاصِّ - قَدَّسَ اللهُ تَعَالَى سِرَّهُ - أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ مُخَاطَبَةٌ مُكَلَّفَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ الْمَحْجُوبُونَ، ثُمَّ قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) (35: 24) حَيْثُ نَكَّرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأُمَّةَ وَالنَّذِيرَ وَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْأُمَمِ، وَنَقَلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: جَمِيعُ مَا فِي الْأُمَمِ فِينَا؟ حَتَّى أَنَّ فِيهِمُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِثْلِي، وَذَكَرَ فِي " الْأَجْوِبَةِ الْمَرْضِيَّةِ " أَنَّ فِيهِمْ أَنْبِيَاءَ، وَفِي " الْجَوَاهِرِ " أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّذِيرُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ، وَحَكَى شَيْخُهُ عَنْ
بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ تَشْبِيهَ اللهِ تَعَالَى مَنْ ضَلَّ مِنْ عِبَادِهِ بِالْأَنْعَامِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ) لَيْسَ لِنَقْصٍ فِيهَا وَإِنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ كَمَالِ مَرْتَبَتِهَا فِي الْعِلْمِ بِاللهِ تَعَالَى حَتَّى حَارَتْ فِيهِ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْحَقِيقَةِ وَاقِعٌ فِي الْحَيْرَةِ لَا فِي الْمُحَارِ فِيهِ، فَلَا أَشَدَّ حَيْرَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ بِاللهِ تَعَالَى، فَأَعْلَى مَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْعُلَمَاءُ بِرَبِّهِمْ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هُوَ مُبْتَدَأُ الْبَهَائِمِ الَّذِي لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْهُ - أَيْ عَنْ أَصْلِهِ - وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَقِّلَةً فِي شُئُونِهِ بِتَنَقُّلِ الشُّئُونِ الْإِلَهِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ عَلَى حَالٍ ; وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ وَصَفَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَضَلَّ سَبِيلًا مِنَ الْأَنْعَامِ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَيْرَةِ مِنْ طَرِيقِ فِكْرِهِمْ وَنَظَرِهِمْ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ لَهُمْ، وَالْبَهَائِمُ عَلِمَتْ ذَلِكَ، وَوَقَفَتْ عِنْدَهُ، وَلَمْ تَطْلُبِ الْخُرُوجَ عَنْهُ، وَذَلِكَ لِشِدَّةِ عِلْمِهَا بِاللهِ تَعَالَى. انْتَهَى.
(قَالَ) : وَنَقَلَ الشِّهَابُ عَنِ ابْنِ الْمُنِيرِ أَنَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْبَهَائِمَ الْهَوَامَّ مُكَلَّفَةٌ لَهَا رُسُلٌ مِنْ جِنْسِهَا فَهُوَ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ الَّذِينَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِمْ كَالْجَاحِظِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى إِكْفَارِ الْقَائِلِ بِذَلِكَ نَصَّ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَالْجَزَاءُ الَّذِي يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْحَيَوَانَاتِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ جَزَاءَ تَكْلِيفٍ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ لَا تُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلَ الظَّوَاهِرَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَا لَا أَصْلَ لَهُ وَالْمِثْلِيَّةُ فِي الْآيَةِ لَا تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ.
الْقَوْلُ بِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ حَيٌّ:
(قَالَ) : وَأَغْرَبُ الْغَرِيبِ عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّ الصُّوفِيَّةَ - قَدَّسَ اللهُ تَعَالَى أَسْرَارَهُمْ - جَعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ فِي الْوُجُودِ حَيًّا دَرَّاكًا يَفْهَمُ الْخِطَابَ، وَيَتَأَلَّمُ كَمَا يَتَأَلَّمُ الْحَيَوَانُ، وَمَا يَزِيدُ الْحَيَوَانُ عَلَى الْجَمَادِ إِلَّا بِالشَّهْوَةِ، وَيَسْتَنِدُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى الشُّهُودِ، وَرُبَّمَا يَسْتَدِلُّونَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 334
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست