responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 313
الذَّالِ مِنْ أَكْذَبَهُ، أَيْ: وَجَدَهُ كَاذِبًا أَوْ نَسَبَهُ إِلَى رِوَايَةِ الْكَذِبِ بِأَنْ قَالَ: إِنَّ مَا جَاءَ بِهِ كَذِبٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الَّذِي افْتَرَاهُ بِأَنْ كَانَ نَاقِلًا لَهُ مُصَدِّقًا بِهِ. وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِتَشْدِيدِ الذَّالِ، مِنَ التَّكْذِيبِ، وَهُوَ الرَّمْيُ بِالْكَذِبِ، بِمَعْنَى إِنْشَائِهِ وَابْتِدَائِهِ، وَبِمَعْنَى نَقْلِهِ وَرِوَايَتِهِ. وَبِهَذَا نَجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الصِّيغَتَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ، قَالَ ثَعْلَبٌ: أَكْذَبَهُ وَكَذَّبَهُ بِمَعْنًى، وَقَدْ يَكُونُ " أَكْذَبَهُ " بِمَعْنَى بَيَّنَ كَذِبَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَذِبِ، وَبِمَعْنَى وَجَدَهُ كَاذِبًا. اهـ. قَالَ فِي اللِّسَانِ: وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَحْتَجُّ لِهَذِهِ
الْقِرَاءَةِ (أَيْ قِرَاءَتِهِ) بِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: كَذَبْتُ الرَّجُلَ، إِذَا نَسَبْتُهُ إِلَى الْكَذِبِ، وَأَكْذَبْتُهُ، إِذَا أَخْبَرْتُ أَنَّ الَّذِي يُحَدِّثُ بِهِ كَذِبٌ، قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ " فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ " عَلَى مَعْنَى: لَا يَجِدُونَكَ كَذَّابًا عِنْدَ الْبَحْثِ وَالتَّدَبُّرِ وَالتَّفْتِيشِ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ الْإِكْذَابَ يَشْتَرِكُ مَعَ التَّكْذِيبِ فِي مَعْنَى رِوَايَةِ الْكَذِبِ، وَيَنْفَرِدُ التَّكْذِيبُ بِمَعْنَى الرَّمْيِ بِافْتِرَاءِ الْكَذِبِ، إِمَّا مُخَاطَبَةً كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: كَذَبْتَ فِيمَا قُلْتَ، وَإِمَّا بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ كَأَنْ يَقُولَ: كَذَبَ فَلَانٌ وَافْتَرَى، وَيَنْفَرِدُ الْإِكْذَابُ بِمَعْنَى وِجْدَانِ الْمُحَدِّثِ كَاذِبًا فِيمَا قَالَهُ، بِمَعْنَى أَنَّ خَبَرَهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ افْتَرَاهُ، وَبِمَعْنَى الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ، أَيْ بِعَدَمِ مُطَابَقَةِ الْخَبَرِ لِلْوَاقِعِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ مَجْمُوعِ الْقِرَاءَتَيْنِ أَنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ لَا يَنْسُبُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى افْتِرَاءِ الْكَذِبِ وَلَا يَجِدُونَهُ كَاذِبًا فِي خَبَرٍ يُخْبِرُ بِهِ بِأَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْتَقْبَلِ كَنَصْرِ اللهِ تَعَالَى لَهُ، وَإِظْهَارِ دِينِهِ، وَخَذْلِ أَعْدَائِهِ وَقَهَرِهِمْ سَيَكُونُ كَمَا أَخْبَرَ وَكَذَلِكَ كَانَ. وَإِنَّمَا يَدَّعُونَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ الْغَيْبِ - وَأَهَمُّهَا الْبَعْثُ وَالْجَزَاءُ - كَذِبٌ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ. وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي افْتَرَاهُ، فَإِنَّ التَّكْذِيبَ قَدْ يَكُونُ لِكَلَامٍ دُونَ الْمُتَكَلِّمِ النَّاقِلِ، وَلَكِنَّ هَذَا النَّفْيَ يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ لَا عَلَى جَمِيعِهِمْ كَمَا يَأْتِي.
وَذَكَرَ الرَّازِيُّ فِي نَفْيِ التَّكْذِيبِ وَالْإِكْذَابِ مَعَ إِثْبَاتِ الْجُحُودِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ:
(1) أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يُكَذِّبُونَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السِّرِّ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يُكَذِّبُونَهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَيَجْحَدُونَ الْقُرْآنَ وَالنُّبُوَّةَ.
(2) أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ كَذَّابٌ؛ لِأَنَّهُمْ جَرَّبُوهُ الدَّهْرَ الطَّوِيلَ فَلَمْ يَكْذِبْ فِيهِ قَطُّ، وَلَكِنَّهُمْ جَحَدُوا صِحَّةَ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ تَخَيَّلَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَصَدَّقَ مَا تَخَيَّلَهُ فَدَعَا إِلَيْهِ.
(3) أَنَّهُمْ لَمَّا أَصَرُّوا عَلَى التَّكْذِيبِ مَعَ ظُهُورِ الْمُعْجِزَاتِ الْقَاهِرَةِ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ - كَانَ تَكْذِيبُهُمْ تَكْذِيبًا لِآيَاتِ اللهِ الْمُؤَيِّدَةِ لَهُ أَوْ تَكْذِيبًا لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (قَالَ) : فَاللهُ تَعَالَى قَالَ لَهُ: إِنَّ الْقَوْمَ مَا كَذَّبُوكَ وَلَكِنْ كَذَّبُونِي، أَيْ عَلَى مَعْنَى أَنَّ تَكْذِيبَ الرَّسُولِ كَتَكْذِيبِ الْمُرْسِلِ الْمُصَدِّقِ لَهُ بِتَأْيِيدِهِ. وَذَكَرَ أَنَّهُ عَلَى حَدِّ (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ) (48: 10) وَمِثْلُهُ (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى) (8: 17) .
(4) قَالَ - وَهُوَ كَلَامٌ خَطَرَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست