responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 30
زَادَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَصِلُ بِهَا كَلَامَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْهَا: هُوَ الْقَوْمُ يَتَدَارَءُونَ فِي الْأَمْرِ، يَقُولُ لِهَذَا: لَا وَاللهِ، وَيَقُولُ هَذَا: كَلَّا وَاللهِ، يَتَدَارَءُونَ فِي الْأَمْرِ، لَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ قُلُوبَهُمْ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى عِدَّةَ رِوَايَاتٍ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ عُلَمَاءَ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ.
الصَّحِيحُ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ اللُّغَةُ فِي تَفْسِيرِ (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) هُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ جَرَيْنَا فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَدْ لَخَّصَ الْأَقْوَالَ الْمَأْثُورَةَ فِي اللَّغْوِ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَبَدَأَ بِالْقَوْلِ الرَّاجِحِ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي الْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ: لَا وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ، (قَالَ) : وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ وَهُوَ فِي الْهَزْلِ: وَفِي الْمَعْصِيَةِ: وَقِيلَ: عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، وَقِيلَ: الْيَمِينُ فِي الْغَضَبِ، وَقِيلَ: فِي النِّسْيَانِ، وَقِيلَ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ: (لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) .
قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الْيَمِينُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) أَيْ بِمَا صَمَّمْتُمْ عَلَيْهِ مِنْهَا وَقَصَدْتُمُوهُ، انْتَهَى، فَهُوَ قَدْ صَحَّحَ مَا صَحَّحَهُ بِكَوْنِهِ هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُ الْآيَةِ إِذَا تُرِكَتِ الرِّوَايَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ وَنُظِرَ إِلَى الْمُتَبَادَرِ مِنَ الْعِبَارَةِ، وَهُوَ مِمَّا يَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ.
فَاللَّغْوُ فِي الْأَقْوَالِ كَالْعَبَثِ فِي الْأَفْعَالِ، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ بِقَصْدٍ مِنَ الْقَائِلِ أَوِ الْفَاعِلِ إِلَى غَرَضٍ لَهُ مِنْهُ، قَالَ الرَّاغِبُ: اللَّغْوُ، الْكَلَامُ مَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُورَدُ لَا عَنْ رَوِيَّةٍ وَفِكْرٍ، فَيَجْرِي مَجْرَى اللَّغَا، وَهُوَ صَوْتُ الْعَصَافِيرِ وَنَحْوَهَا مِنَ الطُّيُورِ
إِلَى أَنْ قَالَ: وَمِنْهُ اللَّغْوُ فِي الْأَيْمَانِ، أَيْ مَا لَا عَقْدٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مَا يَجْرِي وَصْلًا لِلْكَلَامِ بِضَرْبٍ مِنَ الْعَادَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْآيَةِ وَبَيْتَ الْفَرَزْدَقِ الْآتِي:
وَقَالَ فِي مَادَّةِ (عَقَدَ) : الْعَقْدُ الْجَمْعُ بَيْنَ أَطْرَافِ الشَّيْءِ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْأَجْسَامِ الصُّلْبَةِ كَعُقْدَةِ الْحَبْلِ وَعَقْدِ الْبِنَاءِ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ ذَلِكَ لِلْمَعَانِي نَحْوَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْعَهْدِ وَغَيْرِهِمَا، فَيُقَالُ عَاقَدْتُهُ وَعَقَدْتُهُ، وَتَعَاقَدْنَا وَعَقَدَتْ يَمِينُهُ، قَالَ: (عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) وَقُرِئَ (عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) وَقَالَ: (بِمَا عَقَدْتُمُ الْأَيْمَانَ) وَقُرِئَ (بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ) اه.
وَأَقُولُ: التَّشْدِيدُ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ، وَالتَّخْفِيفُ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَابْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ ذَكْوَانَ (عَاقَدْتُمْ) مِنَ الْمُعَاقَدَةِ، وَكِتَابَةُ الْكُلِّ فِي الْمُصْحَفِ وَاحِدٌ وَهَكَذَا " عَقَدْتُمْ " بِدُونِ أَلِفٍ.
وَ " مَا " فِي قَوْلِهِ " بِمَا عَقَدْتُمْ " مَصْدَرِيَّةٌ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: بِتَعْقِيدِكُمُ الْأَيْمَانَ وَهُوَ تَوْثِيقُهَا بِالْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ، وَرُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سُئِلَ عَنْ لَغْوِ الْيَمِينِ وَكَانَ عِنْدَهُ الْفَرَزْدَقُ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ دَعْنِي أُجِبْ عَنْكَ فَقَالَ:
وَلَسْتَ بِمَأْخُوذٍ بِقَوْلٍ تَقُولُهُ إِذَا لَمْ تَعَمَّدْ عَاقِدَاتِ الْعَزَائِمِ.

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست