responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 287
الْأُمِّيِّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ، لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ هَذَا الْإِيمَانَ يَسْلُبُهُمْ تِلْكَ الرِّيَاسَةَ وَيَجْعَلُهُمْ مُسَاوِينَ لِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، وَكَذَلِكَ كَانَ بَعْضُ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ يَعِزُّ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْمِنَ فَيَكُونَ مَرْءُوسًا وَتَابِعًا (لِيَتِيمِ أَبِي طَالِبٍ) فَكَيْفَ وَهُوَ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسَاوِيًا لِبِلَالٍ الْحَبَشِيِّ وَصُهَيْبٍ الرُّومِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَخُسْرَانُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ لِأَنْفُسِهِمْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ ضَعْفِ الْإِرَادَةِ لَا مِنْ نَوْعِ فَقْدِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُمْ عَلَى مَعْرِفَةٍ صَحِيحَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ. وَرُوِيَ أَنَّ خُسْرَانَ النَّفْسِ هُنَا عِبَارَةٌ عَنْ خُسْرَانِهَا فِي الْآخِرَةِ فَقَطْ بِخُسْرَانِ أَمْكِنَتِهِمُ الَّتِي كَانَتْ مُعَدَّةً لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ لَوْ آمَنُوا بِالرَّسُولِ وَإِعْطَائِهَا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْخُسْرَانُ أَعْظَمَ ظُلْمٍ ظَلَمَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ أَنْفُسَهُمْ قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ) أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا كَزَعْمِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا أَوْ شَرِيكًا، أَوْ أَنَّ غَيْرَهُ يُدْعَى مَعَهُ أَوْ مِنْ دُونِهِ وَيُتَّخَذُ وَلِيًّا لَهُ يُقَرِّبُ النَّاسَ إِلَيْهِ زُلْفَى وَيَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَهُ، أَوْ زَادَ فِي دِينِهِ
مَا لَيْسَ مِنْهُ أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ الْمُنَزَّلَةِ كَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ، أَوْ آيَاتِهِ الْكَوْنِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ أَوِ الَّتِي يُؤَيِّدُ بِهَا رُسُلَهُ، وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ هَذَا التَّكْذِيبِ وَذَلِكَ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ يُعَدُّ وَحْدَهُ غَايَةً فِي الظُّلْمِ وَيُطْلَقُ عَلَى صَاحِبِهِ اسْمُ التَّفْضِيلِ فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَكَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِآيَاتِهِ الْمُثْبِتَةِ لِلتَّوْحِيدِ وَالْمُثْبِتَةِ لِلرِّسَالَةِ؟
ثُمَّ بَيَّنَ سُوءَ عَاقِبَةِ الظَّالِمِينَ فَقَالَ: (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) هَذَا اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ وَقَعَ مَوْقِعَ جَوَابِ السُّؤَالِ، أَيِ الْحَالُ وَالشَّأْنُ أَنَّ الظَّالِمِينَ عَامَّةً لَا يَفُوزُونَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِهِمْ يَوْمَ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللهِ تَعَالَى، وَلَا بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ مَهْمَا يَكُنْ نَوْعُ ظُلْمِهِمْ فَكَيْفَ تَكُونُ عَاقِبَةُ مَنْ وُصِفَ بِأَنَّهُ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِنْهُ لِافْتِرَائِهِ عَلَى اللهِ تَعَالَى أَوْ لِتَكْذِيبِهِ بِآيَاتِهِ أَوْ عَاقِبَةُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَكَانَ أَظْلَمَ الظَّالِمِينَ؟
الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْكَافِرِينَ، فَلِهَذَا يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْ صِدْقِهَا عَلَى مَنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ تَعَالَى وَهُوَ يُسَمِّي نَفْسَهُ أَوْ يُسَمِّيهِ النَّاسُ مُؤْمِنًا أَوْ مُسْلِمًا، كَأَنْ يَقُولَ بِقَوْلِ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ فَيَتَّخِذَ غَيْرَ اللهِ وَلِيًّا وَيَدْعُوهُ لِيَشْفَعَ عِنْدَهُ، أَوْ يَزِيدَ فِي دِينِ اللهِ بِرَأْيهِ فَيَقُولُ: هَذَا وَاجِبٌ وَهَذَا حَلَالٌ، وَهَذَا حَرَامٌ فِيمَا لَمْ يُنَزِّلِ اللهُ بِهِ وَحْيًّا وَلَا كَانَ مِمَّا بَلَّغَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ دِينِهِ.
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى مَا فِي نَفْيِ الْفَلَاحِ مِنَ الْإِجْمَالِ فَقَالَ: (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أَيْ وَاذْكُرْ لَهُمْ أَيُّهَا الرَّسُولُ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا عَلَى اخْتِلَافِ دَرَجَاتِهِمْ فِي ظُلْمِ أَنْفُسِهِمْ بِأَنْوَاعِهِ وَظُلْمِ غَيْرِهَا بِأَنْوَاعِهِ، ثُمَّ نَقُولُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست