responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 238
الْمَتْنِ سَالِمَةٍ مِنَ الْمُعَارَضَةِ وَالِاحْتِمَالِ، وَإِنَّنَا لَمْ نَرَهُمْ صَحَّحُوا مِمَّا رَوَاهُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَّا رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي اسْتِثْنَاءِ ثَلَاثِ آيَاتٍ هُنَّ مِنْ مَوْضُوعِ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ، وَلَعَلَّهُمْ لَوْ ذَكَرُوا لَنَا الرِّوَايَةَ بِنَصِّهَا لَمَا وَجَدْنَا فِيهَا حُجَّةً عَلَى مَا قَالُوا.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ فِي نُزُولِ الْأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَقَدْ أَخْرَجَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ
عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَفِي الْإِتْقَانِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ أَبُو عَبِيدٍ والطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، والطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ عَطِيَّةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ، وَفِي كُلِّ رِوَايَةٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا نَزَلَتْ يُشَيِّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِلَّا أَثَرَ مُجَاهِدٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ خَمْسُمِائَةِ مَلَكٍ. قَالَ السُّيُوطِيُّ: فَهَذِهِ شَوَاهِدُ يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا، ثُمَّ نُقِلَ عَنِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ رَوَى ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَقَالَ: وَلَمْ نَرَ لَهُ إِسْنَادًا صَحِيحًا، وَقَدْ رُوِيَ مَا يُخَالِفُهُ، فَرُوِيَ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ جُمْلَةً بَلْ نَزَلَتْ آيَاتٌ مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهَا فَقِيلَ ثَلَاثٌ وَقِيلَ سِتٌّ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ انْتَهَى. وَعَزَاهُ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ إِلَى آخَرِينَ أَخْرَجُوهُ أَيْضًا عَمَّنْ ذَكَرَ وَعَنْ أَنَسٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ وَأَبِي جُحَيْفَةَ وَعَلِيٍّ الْمُرْتَضَى، فَكَثْرَةُ الرِّوَايَاتِ فِي مَسْأَلَةٍ لَا مَجَالَ فِيهِ لِلرَّأْيِ فَتَكُونُ اجْتِهَادِيَّةً، وَلَا لِلْهَوَى فَتَكُونُ مَوْضُوعَةً، وَلَا لِغَلَطِ الرُّوَاةِ فَتَكُونُ مَعْلُولَةً لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَصْلٌ صَحِيحٌ.
وَنَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ أَحَدٌ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُنَاقِضِ لِتِلْكَ الرِّوَايَاتِ الْمُصَرِّحَةِ بِنُزُولِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً كَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الْأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً يُشَيِّعُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ " وَإِنَّمَا مُرَادُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِذَلِكَ مَا رُوِيَ مِنَ اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْآيَاتِ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَرِوَايَةُ نُزُولِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً أَرْجَحُ بِمُوَافَقَتِهَا لِلْأَصْلِ وَبِكَوْنِهَا مُثْبَتَةً، وَرِوَايَاتُ الِاسْتِثْنَاءِ نَافِيَةٌ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا مَنْ قَالَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَاسْتَثْنَى كَابْنِ عَبَّاسٍ (وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ) وَإِذْ كَانَ مَا صَحَّحَهُ السُّيُوطِيُّ مِنَ اسْتِثْنَاءِ ثَلَاثِ آيَاتٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ النَّحَّاسِ عَنْهُ فِي نَاسِخِهِ فَقَدِ انْحَلَّ الْإِشْكَالُ، فَإِنَّ نَصَّ عِبَارَتِهِ: سُورَةُ الْأَنْعَامِ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَهِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ) إِلَى تَمَامِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ اهـ. فَقَدْ صَحَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ إِذًا أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ الطَّوِيلَةَ نَزَلَتْ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَهَذَا نَصٌّ تَوْقِيفِيٌّ عُرِفَ أَصْلُهُ الْمَرْفُوعُ فَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، عَلَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ فِيهِ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ مِمَّنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَيَرْوِي الْحَدِيثَ، فَإِنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ، وَإِنَّمَا رُوِيَ
ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ رَأْيِهِ أَوْ رَأْيِ مَنْ رَوَى هُوَ عَنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ مَرْوِيًّا عَنْهُ بِالْمَعْنَى وَيَكُونُ بَعْضُ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست