responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 199
(إِعْرَابُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ الَّذِي اضْطَرَبَ فِيهِ النُّحَاةُ) .
قَدْ تَبَيَّنَ مِمَّا فَصَّلْنَاهُ أَنَّ الَّذِينَ عَدُّوا الْآيَتَيْنِ فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ لِمُخَالَفَةِ مَذَاهِبِهِمْ لَهُمَا مُخْطِئُونَ وَأَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْمَذَاهِبِ إِلَيْهِمَا لَا تَأْوِيلُهُمَا لِتُوَافِقَا الْمَذَاهِبَ. وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَشْكَلُوا إِعْرَابَ جُمْلَةٍ مِنَ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَدُّوا لِأَجْلِهَا الْآيَةَ أَوِ الْآيَاتِ فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ، فَإِنَّمَا أَوْقَعَهُمْ فِي ذَلِكَ احْتِمَالُ التَّرْكِيبِ لِعِدَّةِ وُجُوهٍ مِنَ الْإِعْرَابِ بِمَا فِيهِ مِنْ تَعَدُّدِ الْقِرَاءَاتِ، مَعَ اعْتِيَادِهِمْ تَقْدِيمَ الْإِعْرَابِ عَلَى الْمَعْنَى وَجَعْلَهُ هُوَ الْمُبَيِّنَ لَهُ، وَقَدِ اسْتَحْسَنَّا بَعْدَ إِيضَاحِ تَفْسِيرِ الْآيَاتِ بِمَا تَقَدَّمَ أَنْ نَذْكُرَ مُلَخَّصَ مَا قِيلَ فِي إِعْرَابِ تِلْكَ الْجُمْلَةِ نَقْلًا عَنْ (رُوحِ الْبَيَانِ) الَّذِي يَلْتَزِمُ تَحْقِيقَ الْمَبَاحِثِ النَّحْوِيَّةِ فِي الْآيَاتِ، عَسَى أَنْ يَسْتَغْنِيَ الْقَارِئُ بِهِ عَنْ مُرَاجَعَةِ تَفْسِيرٍ آخَرَ، وَنَبْدَأُ بِجَوَابِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ مَبْدَأُ مَا اسْتَشْكَلُوهُ مِنَ الْإِعْرَابِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
(فَآخَرَانِ) أَيْ فَرَجُلَانِ آخَرَانِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا) وَالْفَاءُ جَزَائِيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى مُسَوِّغَاتِ الِابْتِدَاءِ بِالنَّكِرَةِ وَلَا مَحْذُورَ فِي الْفَصْلِ بِالْخَبَرِ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَصِفَتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ) وَقِيلَ: هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَالشَّاهِدَانِ آخَرَانِ، وَجُمْلَةُ يَقُومَانِ صِفَتُهُ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِفَةٌ أُخْرَى. وَجَوَّزَ أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرٍ (يَقُومَانِ) وَقِيلَ: هُوَ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: فَلْيَشْهَدْ آخَرَانِ. وَمَا بَعْدَهُ صِفَةٌ لَهُ، وَقِيلَ: مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ وَالْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ صِفَتُهُ وَضَمِيرُ (مَقَامَهُمَا) فِي جَمِيعِ الْأَوْجُهِ مُسْتَحَقٌّ لِلَّذِينِ اسْتَحَقَّا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَقَامِهِمَا مَقَامَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَوَلَّيَاهَا وَلَمْ يُؤَدِّيَاهَا كَمَا هِيَ بَلْ هُوَ مَقَامُ الْحَبْسِ وَالتَّحْلِيفِ. وَ " اسْتَحَقَّ " بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ عَلَى قِرَاءَةِ عَاصِمٍ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْهُ وَبِهَا قَرَأَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيٌّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَفَاعِلُهُ (الْأَوْلَيَانِ) وَالْمُرَادُ مِنَ الْوُصُولِ أَهْلُ الْمَيِّتِ، وَمِنَ الْأَوْلَيَيْنِ الْأَقْرَبَانِ إِلَيْهِ الْوَارِثَانِ لَهُ الْأَحَقَّانِ بِالشَّهَادَةِ لِقُرْبِهِمَا وَاطِّلَاعِهِمَا، وَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ الْآخَرَانِ الْقَائِمَانِ مَقَامَ اللَّذَيْنِ اسْتَحَقَّا إِثْمًا، إِلَّا أَنَّهُ أُقِيمَ الْمُظْهَرُ مَقَامَ ضَمِيرِهِمَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى وَصْفِهِمَا بِهَذَا الْوَصْفِ، وَمَفْعُولُ " اسْتَحَقَّ " مَحْذُوفٌ
وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهِ، فَقَدَّرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يُجَرِّدَهُمَا لِلْقِيَامِ بِالشَّهَادَةِ لِيُظْهِرُوا بِهِمَا كَذِبَ الْكَاذِبِينَ، وَقَدَّرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ وَصِيَّتَهُمَا، وَقَدَّرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ: مَا لَهُمْ وَتَرِكَتَهُمْ. وَقَالَ الْإِمَامُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوْلِيَاءِ الْوَصِيَّانِ اللَّذَانِ ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُمَا، وَسَبَبُ أَوْلَوِيَّتِهِمَا: أَنَّ الْمَيِّتَ عَيَّنَهُمَا لِلْوَصِيَّةِ، فَمَعْنَى " اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ " خَانَ فِي مَالِهِمْ وَجَنَى عَلَيْهِمُ الْوَصِيَّانِ اللَّذَانِ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست